للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يوفق إليه أحد حتى الآن.

لكننا مع ذلك يمكننا القول حدساً بأن قردة الميوسين برغم اختلافها في الشكل والتكوين عن نظيراتها في العصر الحالي لا تختلف عنها في شئ آخر، وقد وجدت آثار لصغار القردة التي يمثلها نوع الجيبون وتمتاز أسنانها بصغرها، مختلفة في ذلك عن باقي الحيوانات التي كانت منتشرة في غابات الملايو. وإننا لا نشك لحظة في القول بأنه إذا كان هناك عالم حيواني قد نزل الأرض من كوكب آخر منذ ٧٠٠ ألف سنة لوجد كل الأجناس موجودة بها ما عدا الإنسان، وهذا معناه أن الإنسان كما نعرفه الآن لم يوجد قبل تلك الفترة، ولكن هل كان الإنسان الأول موجوداً في ذلك الوقت؟ أو هل كان أصل الإنسان الذي تفرع عنه موجوداً في ذلك الوقت؟. . لا يسعنا إذا نظرنا إلى كمال جسم الإنسان وتمامه قبل نهاية عصر البليوسين إلا أن نقول أن الإنسان في تطوره أو تفرعه عن شجرة الأجناس (كما سنطلق عليها الآن) قد بعد أن يكون قرداً أو عن نوع القردة من بدء عصر الميوسين على أقل تقدير، وهذا ما احتاج إلى ملايين السنين، وربما كان ذلك قبل ذاك الوقت حيث عصر الأوليجوسين.

ولنجل اليوم جولة أخرى حيث يقودنا الماضي السحيق الذي يبعد عنا بما لا يقل عن نصف مليون سنة إلى عصر مبكر من عصر الأوليجوسين حينما كانت الغابات تغطي شمال أفريقيا ومنطقة الصحراء الكبرى والسودان، وحينما كان يغمرها نهر عظيم فياض كان يفيض في الشمال والجنوب مكوناً دلتا عظيمة كانت مكان دلتا النيل الحالية، وتظهر آثارها في الفيوم على شكل ربوات عالية من الطباشير، غنية بحفرياتها التي تمثل نوع الحيوان الذي كان يسكن شمال أفريقيا في النصف الأول من عصر الأوليجوسين، ولذلك نوجه بحثنا إليها.

في سنة ١٩١٠ كشف بها عن اكتشافات هامة هي أسنان وحطام أفكاك ثلاث أنواع غريبة من الأنواع الأولى البائدة. وكان أشد ما أدهشنا في تلك الأسنان أنها صغيرة الحجم، وأن تلك الأنواع صغيرة الحجم لا يتجاوز حجمها حجم القرد الأمريكي المعروف باسم ونسبة حجم جسمها إلى جسم الجيبون توازي نسبة حجم ذلك إلى حجم القردة الكبيرة. إلا أنه قد كشف أن أحدها وهو الذي أطلق عليه يمت بصلات تقربه جداً إلى النوع المعروف باسم

<<  <  ج:
ص:  >  >>