للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فتح الأندلس، رأينا فيها روحه مشرقة على كل قطعة منها، ولا ننسى ذلك الموقف الذي اصطدمت فيه همة الشيخوخة الفانية بهمة الشباب المتوثب:

يا شيخنا اسلم وذرنا نحن في محن ... ماذا يضيرك أن نستقصي المحنا

تالله ما الموت إلا العيش في ضعة ... من يرض بالثوب يجعل ثوبه الكفنا

إن يعوز العرب في بنيان دولتهم ... هدم الحياة بذلنا الروح والبدنا

وليجعلوا من بقايانا ومن دمنا ... طينا وماء فيبنوا الملك والوطنا

وأما السيد خير الدين الزركلي شاعر القومية العربية أطال الله بقاءه فقد كان من أسبق شباب سوريا دعوة للقوة ومجاهرة برغبة الحرية:

ما منال الحياة بالمطلب السهل ... ولكنني أرى النهج وعرا

كل عز فباطل غير عز ... شيدته الظباة وخزا وهبرا

واللبيب اللبيب من يؤثر المو ... ت على أن يعيش في الذل دهرا

وهو يعتقد بأن أماني الأمم في الحرية والحياة لا تتحقق إلا إذا أصبحت في النفوس إيمانا دافعا:

من كان يؤمن إيمانا بدعوته ... أجابه الفلك الدوار آمينا

ومن إذا خلصت للمجد همته ... أصاب نجما على الأيام مضمونا

وهل الإيمان إلا الإرادة القوية الحازمة التي تأبى على الدهر إلا أن تتحقق على رغم الصعوبات والعقبات:

إرادة تستذل العصم ماضية ... وعزمة تصدع الأطواد توهينا

وللعظائم ما ترضى فإن وهنت ... خابت وإن تمض آبت في المجلينا

كل امرئ طامح للمجد يطلبه ... لولا العظائم ما خاب المرجونا

وما دامت الإرادة ماضية في العمل فيجب أن يكون العمل ثابتا قويا لا يتزعزع ولا يتضعضع.

ابن علي الصخر وإلا فما ... شيد علي المنهار يصدع

وخشي الزركلي أن يظن الضعفاء بأن الحق المهضوم يمكن الحصول عليه بالهوادة واللين والهوان والذل، فراح يحذرهم هذا الظن الآثم بأقصى حدود الصراحة والصرامة:

<<  <  ج:
ص:  >  >>