للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

من خال أن المجد يدرك هينا ... فلينتظر بعد الهوان هوانا

ما شاد ملكا أو أعز قبيلة ... من آثر الإخلاد والإذعانا

قال الزركلي هذا ولكنه لم يطمئن فقد خشي ألا يفهم الضعفاء وسيلة النضال الحقيقية فيظلوا في هوانهم سادرين فأخذ بأيديهم ووضعها على السلاح:

ابن مجدا ولو بحد المواضي ... ما أرى الدهر عن مهين براض

وأخو العزم من بيت وكلتا ... مقلتيه لم تكتحل باغتماض

أفلح الخائض الغمار بعيد الغور ... رأياً وأخفق المتغاضي

ليس بالندب من إذا مسه ... الضيم تولى أو لاذ بالأرباض

إنما ابن العلاء من ليس بالمحجم ... عن خصمه ولا الركاض

من إذا استل باليمين حساما ... شغل البرق عن سنا الإيماض

وما كاد الزركلي يرى أمته اهتدت إلى الطريق السوي الموصل إلى الحق المهضوم حتى اطمأنت نفسه وزال قلقه: واسمعه الآن في مكة بين يدي الملك حسين يصيح هذه الصيحة القوية على أثر خطب من الخطوب التي أصابت سوريا في ميدان جهادها:

إن في الشام أمة لا تطيق ... الضيم، تأبى العلا لها أن تطيقا

أنذرونا بالموت، ما أعذب المو ... ت إذا كان للحياة طريقا

إن للباطل اضطرابا على الح ... ق وعقباه أن يكون زهوقا

وأما السيد بشارة الخوري - الأخطل الصغير - ففي شعره وثبات قوية وحفزات ثائرة، ونفثات محرقة تجعله في نظرنا شاعرا من شعراء القوة كما هو شاعر من شعراء الحب والجمال. وهل القوة والحب والجمال إلا شيء واحد معناه الحياة السعيدة الهانئة؟ واسمع الآن الأخطل الصغير يزف هذه البشرى الغالية بسقوط عبد الحميد - ليس للأمم العثمانية فحسب بل لأمم الأرض قاطبة

زال عصر السجود يا أمم الأرض ... وهذا عصر الإخاء الوطيد

ظمئت هذه النفوس إلى المجد ... فلا تمنعوا سبيل الورود

وخذ هذه الحملة القوية التي يحمل بها الأخطل الصغير على الضعف الذي يبدو على الأمة العربية أحيانا عند نزول الخطوب بساحتها:

<<  <  ج:
ص:  >  >>