آسيا وأفريقيا، لهذا الفتح الإسلامي العظيم. وما أن وصل رسل السلطان محمد الفاتح إلى مصر والحجاز وفارس يحملون نبأ هذا الفتح حتى هلل المسلمون وكبروا وأذيعت البشائر من منابر المساجد وأقيمت صلوات الشكر وزينت المنازل والدكاكين والحوانيت وعلقت على الجدران والحوائط الأعلام والبنود المزركشة المختلفة الألوان وأمضى الناس في هذه البلاد أياما كأحسن ما تكون أيام الأعياد الإسلامية روعة ورونقا وبهاء.
وأي مسلم كان لا يغتبط وقد تحققت نبوءة كريمة لنبيهم الكريم بفتح القسطنطينية التي استعصت على المسلمين منذ الصدر الأول من الإسلام؟
وندع هنا المؤرخ المصري المعاصر الثقة أبا المحسن بن تغري بردي يصف لنا شعور الناس وحالهم في القاهرة بعد أن وصل إليها قاصد السلطان ورفقته في الثالث والعشرين من شوال سنة ٨٥٧ (٢٧ أكتوبر ١٤٥٣) بنبأ فتح القسطنطينية ومعهم الهدايا وأسيران من عظماء الروم قال (قلت ولله الحمد والمنة على هذا الفتح المبين وجاء القاصد المذكور ومعه أسيران من عظماء استنبول وطلع بهما إلى السلطان (سلطان مصر الأشرف إينال) وهما من أهل قسطنطينية وهي الكنيسة العظمى باستنبول فسر السلطان والناس قاطبة بهذا الفتح العظيم؛ ودقت البشائر لذلك وزينت القاهرة بسبب ذلك أياما، ثم طلع القاصد المذكور وبين يديه الأسيران إلى القلعة في يوم الاثنين خامس وعشرين شوال بعد أن أجتاز القاصد المذكور ورفقته بشوارع القاهرة وقد احتفلت الناس بزينة الحوانيت والأماكن وأمعنوا في ذلك إلى الغاية وعمل السلطان الخدمة بالحوش السلطاني من قلعة الجبل. .) ويقول ابن تغري بردي في موضوع آخر (ثم طلع قاصد ممتلك بلاد الروم ورفقته إلى القلعة من غير أن يحظر القضاة وتمثلوا بين يدي السلطان وقدموا ما معهم من الهدية التي أرسل بها رسلهم (عدد ابن تغري بردي هذه الهدايا وذكر أنواعها وهي كثيرة) فقبلها السلطان ثم رحب بها ثم أنزل إلى محل إقامته ومعه رفقته وهم يتفرجون في الزينة وكانت عظيمة واستمرت أياما وتغالى العوام في شأنها مع استمرار دق البشائر في صباح كل يوم أياما)
وهذا الذي ذكره ابن تغري بردي من وصف احتفال الناس وأفراحهم في القاهرة بفتح القسطنطينية ما هو إلا صورة لنظائر لها قامت في البلاد الإسلامية الأخرى. وقد سجل لنا المؤرخ التركي فريدون بك في كتابه (مجموعة منشآت السلاطين) الكتب التي تبودلت