للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

النصر لقومه

والحق أن النصارى في الغرب قد انبعث فيهم نوع من الروح الصليبية القديمة وتداعى الناس إلى طرح الخلافات والحزازات والاتحاد ضد الأتراك. وعنف الكاردينال سنت أنج اللاتين وقرعهم على تخاذلهم عن نجدة الروم وألقى عليهم تبعة هذه الكارثة العظيمة. وكان البابا نيقولا الخامس أشد الناس تأثرا بنبأ سقوط القسطنطينية في يد الأتراك وجد في توحيد الدول الإيطالية وتأليها على قتالهم. ورأس مؤتمر في روما أعلنت فيه الدول المشتركة عزمها على التهادن فيما بينها وتوجيه جميع جهودها وقواها ضد العدو المشترك

وكان من أعظم الناس تأثيرا باستيلاء الأتراك العثمانيين على القسطنطينية فيليب الطيب دوق بور غويا وقد كان هذا الدوق بطبعه ذا نزعة صليبية قوية ومن أشد الناس تحمسا لقتال الأتراك من قبل سقوط القسطنطينية، فلما استولى هؤلاء على هذه المدينة وجاء رسول البابا سنة ١٤٥٣ يستحثه على قتال محمد الفاتح التهب حماسا وحمية واستنفر جميع النصارى إلى هذا القتال وذهب بنفسه إلى ألمانيا يستنهض إمبراطورها فريد ريك الثالث. وبعث هذا الإمبراطور بدوره إلى ملك فرنسا شارل السابع كما بعث إليه في نفس الوقت الملك ألفونس يحثانه على حرب السلطان محمد الفاتح، ولم يلبث أن تحولت الفكرة الصليبية من قتال الأتراك العثمانيين إلى قتال جميع المسلمين وغزو جميع بلادهم إمعانا في الانتقام وأخذ الثأر لمدينة القسطنطينية. يقول المؤرخ المصري المعاصر أبو المحاسن ابن تغري بردي (وفي هذا الشهر (ربيع الآخر ٨٦١هـ مايو ١٤٥٧م) وردت الأخبار من الإسكندرية وغيرها من بلاد الساحل أن الفرنج عمرت نحو ثلثمائة مركب لغزو سائر سواحل الإسلام من الروم إلى الإسكندرية ودمياط مكافأة لأخذ السلطان محمد بن عثمان استنبول من الفرنج خزاهم الله فلم يلتفت السلطان إلى هذا الخبر لعزة شوكة الإسلام ونصرته إن شاء الله إلى يوم القيامة) وقد أرسل الغرب النصراني فعلا فيما بعد حملات حربية إلى الشرق ولكنها كانت محدودة الأثر لم نتعد تخريب بعض المدن الساحلية في آسيا الصغرى

وذلك ما كان من حال النصارى في الغرب وموقفهم بعد فتح القسطنطينية. أما في الشرق الإسلامي فقد كان الأمر على عكس ذلك، إذ عم الفرح والابتهاج بين المسلمين في ربوع

<<  <  ج:
ص:  >  >>