يتطرقه من الاحتمالات بالنسبة للرواة لا بالنسبة لقائل اللفظ المروى. فلا يكون ذلك شاهدا لغويا
وإذا درجنا على الاحتجاج به تعين: إما أن نرده إلى الرواية بالمعنى بأن درج الرواة على استعماله مولد، وإما أن نؤوله: فأما بالحمل على الشذوذ مثل قول أبي النجم: الحمد لله العلي الأجلل. والشاذ يغتفر لأهل اللسان ولا يتابعون عليه في استعمال غيرهم. وإما بتأويله بأن الذي أوجب الفك هو قصد الاتباع والمزاوجة بين اللفظين الضرر والضرار، فإن كليهما لا إدغام فيه. فروعي ذلك في المقارنة تحسينا، وهو من ضروب البديع كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ووفد عبد القيس في الصحيح:(مرحبا بالوفد غير خزايى ولا ندامى). فجمع نادما على ندامى لموافقة صيغة خزايى. إذ ليس فعالي من صيغ جموع فاعل، بل هو من صيغ جمع فعلان والندمان هو المنادم، ومن هذا النوع قول الشاعر:
هتاك أخبية ولاج أبوبة ... يخالط البر منه الجد واللينا
إذ جمع بابا على أبوبة. وقوله صلى الله عليه وسلم لنساء (ارجعن مأزورات غير مأجورات). بهمز مأزورات. وأصله موزورات لأنه من الوزر وهو الإثم وإنما هو اتباعا لقوله غير مأجورات
والحاصل أننا إذا قبلنا الاحتجاج به تعين أن يحمل لفظ النبي صلى الله عليه وسلم الذي جاء على خلاف القياس مجملا يناسب فصاحته وبلاغته. ويستخلص من هذا كله أن الضر والضر أعم من الضرر فيصح إطلاق الضر والضرر على المعنى الذي يطلق عليه الضرر ولا يقع إطلاق الضرر على كل ما يطلق عليه الضر والضرر
وأما ما وقع في صحاح الجوهري من قوله:(الضر خلاف النفع والاسم الضر ويقال لا ضرر عليك) فهو مما أنفرد به. وقد ذكر الأئمة أن الجوهري لا يؤخذ ما انفرد به. وقد وهمه الفيروزبادي في مواضع كثيرة
قال التبريزي: لا يشك في أن في كتاب الصحاح تصحيفا لا شك أنه من المصنف لا من الناسخ (ص٤٩ مزهر ج١)، وقال الأزهري لا يقبل من الجوهري ما انفرد به (ص٦٧ مزهر ج١)
ووقع في الأساس ما يوهم ظاهره موافقة كلام الجوهري. لكنه ليس بنص بل هو محتمل