للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التي تقاد قيادة فاشلة تتقهقر وتقع في أزمات حتى قيض لها قائد جدير باللقب فتتحول الكتائب إلى قوة ذات رباطة ومقاومة. وقد يبدو على الأمة الواحدة مؤلفة من شعب واحد معروف، الاضطراب والفوضى، أو النظام والقوة، متوقفا ذلك على ما إذا كانت الحكومة تقوم بمهمة الحكم أو لا تقوم. وبغير هذه القيادة لا يمكن أن تقوم قائمة لعمليات حربية أو حياة وطنية أو نظام اجتماعي.

ولقد أخذت الجماعة البشرية طوال تاريخها بقاعدة اختيار قادة أعمالها على أساس يتلو بعضهم فيه بعضا بنظام هرمي. وقام هؤلاء القادة كل مرة بتأسيس نظام وطدوا فيه لشعوبهم مصائر بلادهم على هذه القاعدة.

لكنهم كانوا يستغلون هذا النظام لظلم الشعوب؛ فكانت هذه تثور في وجههم فيضطرب النظام الذي أقيم وتعقبه الفوضى فتعود الأمم إلى بناء هذا النظام من جديد. ولما انهار التركيب الهرمي العسكري الذي قامت عليه الدولة الرومانية فقدت هذه الدولة قوتها وقام على أنقاضها نظام هرمي إقطاعي لم يتم بناؤه إلا بعد فترة طويلة من الفوضى ولما ألغت روسيا النظام الرأسمالي قام على الأثر نظام من الفنيين ورجال الأعمال أدوا الواجبات الأولى نفسها. وذلك هو السبب الذي يحمل رجال الثورة على الرغم من وعودهم ورغباتهم إلى أن لا يحققوا العدالة التي كانوا ينادون بها. يجب أن يكون هنالك مساواة في الفرص، أو كما قال بونابرت تتاح الفرص دون أي مانع لجميع المواهب. ومن الضروري أن يرغب المرء في المساواة بين الجميع في نظر القانون، غير أنه لا يمكن أن تقوم هذه المساواة بين قائد ومقود، أو في جماعات ليس لها زعامة.

ولقد اكتشفت الإنسانية خلال تاريخها الطويل وسائل قليلة لاختيار الزعماء أو القادة. وكان أقدم هذه الوسائل، الوراثة. وكانت تستخدم دون ريب في القبائل الرحل في قديم الزمن حين كان يخلف الأب ابنه الأكبر. وبدون هذا النظام القائم على خلافة الابن الأكبر كانت تتعرض الجماعات البشرية إلى تصدع واضطراب. ونجد في التوراة مظاهر من هذا الاضطراب كما نجدها في تاريخ اليونان. وكانت السلطة في أنظمة الملك القديمة القوية، تنتقل في هدوء كما كان الزعيم الوراثي يتمتع باحترام وتقدير لا حد لهما.

ولقد كان المركز الممتاز الذي يحتله ملك إنجلترا قائما على هذا الأساس. وأدرك نابليون

<<  <  ج:
ص:  >  >>