للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويتخذ هذا الأسلوب من الترشيح للقيادة شكله الأشد حين تكون الترقية خاضعة للامتحانات. وهذا هو الحال في مهنة الطب في فرنسا. وفي الجيش يجد الرجل أمامه المدرسة الحربية وكلية الدراسات العسكرية العليا، إذ يجب أن يؤدي امتحاناتهما. غير أن الأقدمية في العمل ووساطات أصحاب الوساطة لها أثرها في التقدم كما تفيد الانتصارات أثناء الحرب ولا يمكن أن نقول شيئا كثيرا عن الأقدمية، فمن الواضح ان الناس يكسبون خبرة كلما تقدموا في السن إلا إذا كانوا شديدي الكسل والبلادة، أو شديدي العناد إلى حد يعوقهم من أن يتعلموا شيئا. غير أن هناك عددا كبيرا من المتقدمين في السن يمكن أن يختار أحسنهم بالنظر إلى شهادات الولادة، وعلى هذا الأساس تجري تعييناتهم.

ومن أكثر الطرق مطابقة للمنطق أن يعين رؤساء الأعمال الرجال الذين يلونهم في المناصب. وفي هذه الحالة يضطرون إلى الاعتماد عليهم وإلى أن يكونوا مسئولين عن أعمالهم. ويعين الملك الوراثي أو الرئيس المنتخب رئيسا للوزراء، بعد موافقة البرلمان أو الجمعية الحاكمة. ثم يختار رئيس الوزراء. ثم يعين الوزراء الموظفين في دوائرهم المختلفة. وبهذا يبنى الهرم بالبداية من رأسه ثم النزول إلى أسفل، وهي عملية ناجحة من الناحية الإدارية وإن تكن غير معقولة بالطبع في إقامة بناء.

وهذا النظام حسن ولا ريب على قدر ما يمكن أن تكون أعمال البشر حسنة. والمبدأ فيه حكيم، ولكن الجهاز مع ذلك لا يعمل عملا كاملا. فجميع التعيينات ما عدا الرئيس وعددا من الوزراء السياسيين، ومنها تعيينات الرجال الفنيين، يجب إن تقوم على أساس المقدرة التكتيكية والمتانة الأخلاقية. إن مصلحة البلاد ومصلحة الذين يقومون على حكمها هي أن يكون قائد الجيش أو مدير مصلحة السكة الحديدية مثلا رجلا من الطراز الأول، مهما كانت نزعاته السياسية أو الدينية، وكائنة ما كانت علاقاته وأصدقاؤه. وليس من الممكن أن يتمتع الناس عن أن تكون لهم عواطف، فالصداقة والقرابة والصلات الحزبية لها أثر كبير في التعيينات، وهذا أمر يؤسف له أحيانا، إذ من الواجب أن نسيطر جميعا على أنفسنا حتى لا تتأثر المواهب تأثرا يضير المصلحة.

وفي النظم التي تخلق الزعيم أن يتقدم الرجل على أثر ما تقع الأمة في حال من الفوضى، فيفرض نفسه عليها فرضا. (إن كرومويل) لم تعينه سلطة عليا، وإنما كان رجلا غامضا

<<  <  ج:
ص:  >  >>