والحق أن مصطفى محمد خدم الأدب وأنشأ أدباء، ولم يكن هو أديبا ولا شبه أديب وإنما كان من أولئك الوراقين الذين يعرضون بضاعتهم المزجاة للقارئين - وما أقلهم - ثم سما به الجد فجعل من نفسه (حاميا) للمؤلفين كما كان يحلو له أن ينعت نفسه في بعض الأحيان.
ولقد عرف المستشرقون قدر مصطفى محمد فنوه كثير منهم بالمؤلفات التي نشرها وأذاعها، وبصرنا باسمه في أكثر من ثبت، وفي غير فهرس.
ولم يكن - رحمه الله - يؤمن بالإعلان عن المؤلفات فعنده أن القارئ يطلب الكتاب واقعا حيث وقع فلا جدوى - في رأيه - من الإعلان والبر ويا جندا!
وكان مصطفى محمد يفخر بأن بعض الشباب الناشئين الذين قدمهم إلى جمهور القارئين بلغوا على يده من المجد والشهرة حتى وصلوا إلى أعلى المناصب.
وكان - رحمه الله - عيوفا إلى حد التكبر، فما عرفنا أنه طلب إلى ذي منصب حاجة إلا في إباء وكبرياء وكان لا يقبل الدنية في دينه ولا في دنياه، ومن هنا كان الدين الذي له في أعناق عارفيه كبيرا. ومع هذا لم يؤد أحد منهم بضعة من هذا الدين. وإذا استثنينا رصفاءه من أصحاب المكتبات والمطابع فإن أحدا من المؤلفين والأدباء لم يذكره بكلمة خير يوم منعاه!
إن مصطفى محمد من أولئك الجنود المجهولين الذين وقفوا حياتهم لخدمة العلم، وما ونى ولا وهن ولا هان. ولئن عاش مجهولا ومات مجهولا، فحسبه أن يذكر فضله في ذمة الله. عليه رضوان الله.
منصور جاب الله
تحقيق وفاة البرعي
ردا على سؤال الأستاذ عبد السلام النجار بالعدد (٩٢٠) من الرسالة أشكر الأستاذ الزيات على تصويب التصحيف الذي فرط منا أثناء النقل من كتابنا (تاريخ البديع).
وأضيف إلى ذلك أني لم أخالف الأستاذ النجار في مصدره إذ أن السخاوي وابن عبد السلام