آفاق اللانهاية. وستزيد أحداث المستقبل حاجة الضابط في الحرب إلى استيعاب الثقافة العامة إضافة إلى اختصاصه الفني.
ومما لا جدال فيه أن المعرفة الفنية شيء ضروري. وعندما نشرت منذ زمن كتابي (حوار في القيادة) كتب إلي (المارشال فيول) كتابا جاء فيه:
إن الرجل يكون ضابطا قديرا إذا كان ذا أخلاق وكان مرهف الذوق، ذا اطلاع واسع عام، ولا يكون ذلك إلا بعد دراسة طويلة. ولا يعلم الناس إلى الآن علما كافيا أن كثيرين من القادة في الحرب الماضية كانوا أساتذة في الكلية العسكرية، فإنني أنا و (فوش) و (بيتان) وكثير غيرنا كنا أساتذة قبل أن نصير جنرالات، وكانت خبرتنا ناتجة عن التدريب العلمي الذي جرى في الكلية، وكان هذا التدريب قائما على دراسة التاريخ والتدريبات العلمية. وقد كنا ندرس الكتب المدرسية والتمرينات التحريرية في الشتاء، ونقوم بدراسة تطبيقية ومناورات عملية في الميادين في الصيف. ولك أن تتصور أن الرجل الذي حل مدة سنوات مشاكل مختلفة في الأساليب العسكرية لا يضطرب أي اضطراب في ساحة القتال. وإنك لن تعجز عن ابتداع حلول للمشاكل إذا كان التدريب واضحا وقائما على أصول منطقية فيجمع النواحي المادية والعقلية والأخلاقية لتؤدي جميعا غرضها بنسب صحيحة. ومما تجب عناية به أن لا تهمل صفة على حساب أختها فإنها جميعا ضرورية.
إن تفكير الزعيم يجب أن يكون بسيطا واضحا فأن العمل يصبح صعبا عندما يكون الدماغ محشوا بالخطط والنظريات المعقدة. والصناعة المنظمة تنظيما بالغا تفقد من المواد اللازمة لها بمقدار ما تستهلك صناعة لا نظام لها. (ولذلك كانت الصناعة القائمة على مشاريع صغيرة يديرها رجل واحد أحسن إنتاجا من الشركات الضخمة لأن تكاليفها أقل، وإنتاجها أعلى قيمة) فالزعيم يجب أن تكون آراؤه قليلة وبسيطة جدا، قائمة على الاختبار مؤيدة بالتجربة. وهذا البناء القائم على الخبرة سيكون ذا غناء كبير فيما ينفذ من أعمال لما ينطوي عليه من المعرفة الموثوقة.
ومن المحتم على الزعيم أن يستطيع الاستفادة من عقول الآخرين. قال (ريشليو)(يجب أن يتحدث المرء قليلا ويصغي كثيرا إذا أراد أن يحكم أمة حكما صحيحا) ولكن الإصغاء إنما يكون لرجال محدودين ذوي معارف صحيحة. ولا ريب أن الصمت صفة ممتازة، ولكن