للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

علي بن أبي طالب أم معاوية بن أبي سفيان أم عبد الله بن الزبير أم عبد الملك بن مروان. وسواء لديه أكان مقر الخلافة الحجاز أم الشام ولهذا فقد رأيناه جندياً غازيا لسمرقند في جيش معاوية بن أبي سفيان ثم رأيناه موضع ثقة أبن الزبير يعهد له بالولاية على خراسان ثم يوليه القيادة لحرب الخوارج ثم رأيناه موضع ثقة عبد الملك بن مروان فيعهد له بجباية الأهواز ثم رأيناه موضع ثقة الحجاج بن يوسف الثقفي فيوليه على خراسان

ونعتقد أن وصيته لأبنائه الغر الميامين قبيل وفاته صورة واضحة لنفسيته الكبيرة التقية وأخلاقه الطاهرة الرضية وعقيدته الإسلامية القوية. لنسمع الآن المهلب يوصي أبناءه وقد جمعهم إليه وهو على فراش الموت يودعهم ويوصيهم ويفرغ نفسه في نفوسهم ويضع عقله في عقولهم ويصب همته في همهم: دعا المهلب بسهام فحزمت وقال (أفترونكم كاسريها مجتمعتاً؟ قالوا (لا) قال أفترونكم كاسريها متفرقة؟ قالوا (نعم) قال فهكذا الجماعة أوصيكم بتقوى الله وصلة الرحم فإن صلة الرحم تنشئ في الأجل وتثري المال وتكثر العدد، وأنها كم عن القطيعة فإن القطيعة تعقب النار وتورث الزلة والقلة، فتحابوا وتواصلوا وأجمعوا أمركم ولا تختلفوا وتباروا تجتمع أموركم، وعليكم بالطاعة والجماعة وليكن فعلكم أفضل من قولكم فأني أحب للرجل أن يكون لعمله فضل على لسانه، واتقوا الجواب وزلة اللسان فإن الرجل تزل قدمه فينتعش من زلته ويزل لسانه فيهلك.

اعرفوا لمن يغشاكم حقه، فكفى بغدو الرجل ورواحه إليكم تذكره له، وآثروا الجود على البخل، وأحبوا العرب واصطنعوا العرب فإن الرجل من العرب تعده العدة فيموت دونك فكيف الصنيعة عنده؟ عليكم في الحرب بالأناة والكيد فإنها أنفع في الحرب من الشجاعة، وإذا كان اللقاء نزل القضاء فإن أخذ رجل بالحزم فظهر على عدوه قبل أتى الأمر من وجهه ثم ظفر فحمد، وأن لم يظفر بعد الأناة قيل ما فرط ولا ضيع، ولكن القضاء غالب. وعليكم بقراءة القرآن وتعليم السنن وأدب الصالحين وإياكم والخفة وكثرة الكلام في مجالسكم)

حمدي الحسيني

<<  <  ج:
ص:  >  >>