والحاجة إلى هذه الاحتياطات تكون أقل إذا فاز القائد بجماعة من حوله علمته التجارب أنه يستطيع الاعتماد عليهم ولكل زعيم وطني وزارته كما لكل قائد عسكري أركان حربه.
وهؤلاء المساعدون يعرفون خصائص زعيمهم كما يعرفون سبيلهم إلى خدمته، وهم لذلك يدركون تعليماته في سرعة متناهية ويراقبون تنفيذها إلى آخر حرف فيها، غير أن عدد الذين يمكن الاعتماد عليهم من الناس في هذا العالم قليل. وقد روى عن (الرئيس ولسون) قوله: إنه كان يثق بالبشرية، ولكنه كان لا يثق بالرجال جميعا أما القائد الصحيح فيشك بالبشرية ويثق بعدد قليل من الرجال.
وكيف السبيل إلى اختيار هؤلاء الرجال؟ إن أول واجبات الزعيم أن يتعرف إلى جماعات منهم يستطيع أن يختار منها أعوانه، ومن الصفات القوية في (المارشال بيتان) التي برزت عندما تولى قيادة الجيش الفرنسي كانت أستاذيته السابقة في الكلية العسكرية التي مرت على يديه فيها أجيال من الضباط الأحداث وكان (جامبيتا)
يتجول في كل ناحية من فرنسا ليتعرف إلى القضاء في دوائره.
والرجل الذي يكتسب شرف القيام بحكم بلاد يجب أن يحاول اكتشاف أحسن الرجال لأهم الدوائر الحكومية - وليس عليه أن يستفيد مما يجد بين فحسب ولكن واجبه يقضي عليه كما تقضي عليه مصلحته أن يخلق مواد جديدة. وتقوم الأحزاب السياسية خارج فرنسا بهذه المهمة. فالمحافظون مثلا في إنجلترا يصنعون هذا. إنهم يرقبون يقظة الجامعات الكبرى يرجون أن يجدوا فيها شبابا يتحولون في المستقبل إلى ساسة، وهنالك كلية خاصة فإذا أثبتوا ذكائهم فإن الحزب يكسبهم مقاعد في البرلمان كما يحاول رئيس الوزراء أن يقدم للأحسن منهم الفرص الممكنة فيبوئهم مراكز لمساعدة كوكلاء في البرلمان ولابد لزعيم الحزب من أيجند للحزب من حزبه رجالا يصلحون للحكم. وهذا الواجب يقع كذلك على مديري الأعمال الكبيرة ولا ريب أن بعض هؤلاء يدركون هذه الناحية فمدارس (كروسو) مثلا تدار بمهارة تدعوا للإعجاب فتهيئ لكل طالب الفرصة اللازمة ليتبوأ على المراكز التي تؤهله لها ملكاته
ومن الصعب في غالب الأحيان إيجاد التفاهم التام بين المساعدين إذ من الضروري هنا نفي التعصب أو التحزب المحلي في أية دائرة لتنسجم تلك الدائرة مع المصالح الأخرى،