ففى السكة الحديد مثلا حيث تنشأ الخلافات بين الإدارة والأقسام الفنية أو في قيادة الجيش حيث ينشأ التشاحن بين مركز القيادة والضباط في الميادين في هذه الحالات يجب أن يدرك كل إنسان أن الجيش أو المعمل أو البلاد تشبه جسماً حياً قائما برأسه وأن أي اضطراب يقع بين أعضائه إنما يكون انتحارا محضا.
وكثيراً ما يقع أن المساعدين الذين يعجبون برؤسائهم ويخلصون في العمل لهم يتغلب عليهم الحسد بعضهم مع بعض بشره عنيف في التماس رضاهم، فيجب أن يحسب لهذه الحالات المتعبة حسابها وأن يعالجها المعالجة اللازمة لأنها ذات خطر كبير في نظام العمل، وكما يستطيع السائق الماهر الخبير أن يعرف بالإصغاء إلى آلة سيارته أن إحدى أسطواناتها لا يقع فيها اشتعال كما يجب، كذلك الزعيم الموهوب يعرف أن مساعديه لا يؤدون الخدمة اللازمة له، فيفتش عن السبب ويتوصل إلى معرفته وكثيراً ما يكون السبب تافها - قد يكون شيئا من الاتساخ في آلة الاشتعال، وقد يكون هزة للأكتاف لا تزيد عند تحليلها على حركة عصبية تؤول على أنها تحقير مقصود.
ويتلقى الرئيس تقارير عن نشاط موظفيه ونتائج التعليمات التي أصدرها إليهم وهو يطالع هذه التقارير في حذر وشك ولقد أعرف رئيسا لمصنع كان يقول أن جميع التقارير كاذبة. وكان على حق لأن كل شيء فيها تقريبا عرضة للمبالغة والتشويه والطريقة الوحيدة لتجنب الخطأ في الحقائق هي أن يجري المسؤول تفتيشا خاصا بنفسه من آن لآخر، ويكون لهذا التفتيش نتائج فعالة للغاية كما تكون الفكرة الناتجة عنه صحيحة ومدعاة لتصحيح للتقارير التي ترد فيما بعد، ويذكر (المارشال بيتان) حكاية وقعت في سنة ١٩٥١ عندما عين قائدا في إحدى القطاعات التي طالبت فيها القيادة العامة بالهجوم مرات متوالية كانت البلاغات الصادرة تدل على تقدم بطيء وخسارات فادحة فلما شك (بيتان) في الامر شخص إلى الجبهة ومعه المراصد اللازمة فوجد البلاغات قد شوهت لغاية إرضاء القيادة العليا وأن الانتصارات كانت خيالية لا أساس لها من الصحة والتقارير التي ترفع لأولي الأمر تكون دائما مرضية أو تقدم على شكل يرجع النظريات التي يؤمن بها صاحب التقرير
والقائد الذي يطالب موظفيه بما يريد يستطيع دائما أن يكسب عطفهم أكثر من قائد لا يبالي