للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الناحية التي يختص بها: وقد دلت التجربة في إنجلترا والبلاد الاسكندنافية على أن ذلك ممكن.

ومن حق الزعيم أيضا أن يحافظ على زعامته، إذ كيف يستطيع زعيم أن يصل إلى نتائج حسنة دون أن يكون لديه الوقت الكافي. وقبل أن يعهد إلى رجل بإعادة تنظيم مستعمرة أو تأسيس مصنع للطيران، من المحتم أن يجرى بحثا واسعا وأن نثق أن هذا الرجل هو أحسن الناس للمركز المطلوب: لكن إذا اختير الرجل كان من الواجب إفساح المجال له وإطلاق يده إلا في الحالات إلى يتضح فيها أن خطأ وقع في الاختيار، وأن الرجل غير جدير بالثقة. إن الوقت يتيح للإنسان إنشاء علاقات لا حصر لها ويسهل له الاضطلاع بأعباء السلطة.

وكيف يستطيع المرء أن يوفق بين الإدارة الحازمة والوقت اللازم لها وبين حق الناس في الانتقاد بحرية؟ ألا يتحول قائد له سلطات مطلقة لا كابح لها إلى رجل عسوف أو مجنون؟ أما (الدوس هلسكي) فقد أخترع أخبار (لعبة القيصر) فنظر في أصدقائه على أساس ما يصنع منهم كقيصر لو أسندت إليه السلطة العليا فلم ينجح في الاختبار إلا عدد قليل. ومن الواضح أن النقد ضروري ولكن السؤال هنا هو ماذا يستطيع النقد أن يفعل وإلى أي حد أن يذهب؟

أما في الجيش وفى الأعمال التي تتطلب أجراء مباشرا فتجب الطاعة العمياء ويجئ النقد هاهنا. من القادة أنفسهم أما في الحالات العادية من حياة الناس الحرة فإن كل إنسان يملك حق النقد في حدود يعينها الاختبار، فإذا أجمعت الأمة كان من الواجب أن يتغير قادتها من وقت إلى أخر لكن يجب أن لا يشهر بهم ولا أن يتغيرا مرات عديدة أو يسيرهم رجل الشارع وفى إنشاء الحرية الصحيحة يجب أن يقوم ذلك لا على قوانين عادلة فحسب ولكن على أخلاقية قويمة أيضا وعلى درجة استحقاقنا للحرية كشعب تقررها قدرتنا على احترام الزعيم النظامي وعلى الموافقة على المعارضة والإصغاء إلى ما تقول به وأن نضع صالح الأمة فوق صالح الأحزاب والنفع الخاص وليست الحرية شيئاً غير قابل للضياع إنها منحة هامة ولكنها عسيرة المنال ويجب أن نتمسك بها دائما أبداً.

هذه التربية الخلقية التي أشرنا أليها أشد ضرورة للذين كتب لهم أن يقودوا الناس إذ

<<  <  ج:
ص:  >  >>