يستسيغه السلوك الإنساني في عصر الرادار والطاقة الذرية. فالحقائق الاجتماعية التي تركن وراء تلك المظاهر لم تندثر ولن تندثر لأنها سنة الله في خلقه ولن تجد لسنته تبديلا. والإصلاح الصادق النافع لا يستهدف معالجة الظواهر وإنما يدلف إلى الجوهر؛ عندئذ يسهل التوجيه وتزداد الرغبة في الإصلاح بين المصلح والذي يرغب في إصلاحهم.
وهذا العبث يصح إطلاقه كذلك على جمود بعض حفظة الدين في التهيب من فصل بين سلامة العقيدة الدينية وبين الاجتهاد في إعادة الدرس في وظيفة الدين الاجتماعية على ضوء التطور الذي استجد في حياة الجماعة الدينية المعاصرة. فجوهر العقيدة الدينية لا خوف عليه لأنه من الغرائز التي لا تندثر، إنما الخوف أن يزداد نفور الناس من الامتثال إلى التعاليم الاجتماعية لتلك العقيدة فيفقد الدين إحدى دعائمه القوية وهي الوظيفة الاجتماعية التي هي جزء من ذلك الاتجاه المزدوج في الحياة الدينية؛ ألا وهو التطلع إلى الخالق عز وجل كمصدر للحياة الروحانية، والسير على الأرض بنور تعاليمه السماوية.