دين الفرح، ويعتقدون بمذهب التناسخ، وأن الأرواح تنتقل من حيوان إلى غيره.
وقد جد المأمون في حرب بابك حتى استعصى عليه أمره؛ وأشخص إليه جندا كثيفا على دفعات؛ فانهزم أمامه من قواد الخلافة على التوالي، بين ناج وقتيل وأسير: يحيى بن معاذ، وعيسى بن محمد بن أبي خالد، وعلي بن صدقة، وأحمد بن الجنيد الإسكافي، وإبراهيم بن الليث بن الفضل، ومحمد بن حميد الطوسي. وكان ذلك في الفترة ما بين عامي ٢٠٤، ٢١٤هـ
ومن هنا نفهم معنى ما سجله المأمون في وصاته وهو يحتضر، لأخيه أبي إسحاق المعتصم حيث يقول: والخزمية فاغزهم ذا حزامة وصرامة وجلد، واكنفه بالأموال والسلاح والجنود من الفرسان والرجالة. فإن طالت مدتهم فتجرد لهم بمن معك من أنصارك وأوليائك. واعمل في ذلك عمل مقدم النية فيه، راجيا ثواب الله عليه.
ولم يأل المعتصم في محاربة الخرمية جهدا، فسير إليهم قائده إسحق بن إبراهيم المصعبي سنة ٢١٨هـ وعقد له الولاية على الجبال، فأوقع بفريق منهم في همذان وعاد ومعه منهم أسرى. وأعقبه المعتصم بالأفشين حين تبين له استفحال خطبهم، وانضواء الكثيرين تحت لواء دعوتهم. فأوقع بهم عند حصن (أرشق)، ونجا بابك هاربا إلى (موقان) ثم أرسل إلى البذ فجاءه جند تقوى بهم وعاد إلى حصنه.
وما زال الأفشين يتنقل من موضع إلى موضع، وهو يسد المسالك، ويستجلب الميرة، ويرم الحصون، ويبث الأرصاد والعيون، حتى أوفى على حصن البذ فحاصره، واستولى عليه في رمضان سنة ٢٢٢هـ.
وقد كان لهذا النصر أثره المدوي في نفوس المسلمين، فشرقت به مدائح الشعراء وغربت تنوه بفضل الأفشين وقواده ممن أعانوه على هذا العمل الجليل.
يقول أبو تمام - باقتراح من عبد الله بن طاهر - في وصف بلاء الأفشين، وعظم تدبيره في هذه المواقع:
لقد لبس الأفشين قسطلة الوغى ... مخشا بنصل السيف غير مواكل
وجرد من آرائه حين أضرمت ... له الحرب، حدا مثل حد المناصل
وسارت به بين القنابل والقنا ... عزائم كانت كالقنا والقنابل