وقد يطيب لي أن أذكر أن الدول العربية تؤوى في ديرها أعدادا كبيرة من اليهود وهم أصحاب رءوس الأموال الضخمة، ولست أدري ماذا تفعل الدول الغربية لو أن الدول العربية لجأت إلى معاملة اليهود بالمثل فطردتهم من بلادها؟ ما أحسب إلا أن هذه الدول سوف تقوم ثائرتها وسوف ترمي المسلمين بأنهم قوم متعصبون متأخرون وربما تدخلت بالقوة لمنع الدول العربية من تنفيذ مثل هذه الخطوة، أما إسرائيل فلها أن تفعل ما تشاء ولها أن تدل كما تشاء فقد اشترت ذمم ساسة الغرب بأموالها وأعراضها.
وإذا العناية لاحظتك عيونها ... نم فالمخاوف كلهن آمان
العدو الصديق
نعم يا أخي إنك لو أنعمت النظر قليلا لرأيت ثم رأيت أمرا عجيبا، فإنجلترا دولة صديقة للدول العربية ما في ذلك شك وهي كذلك دولة حليفة لهم فبينها وبين مصر والعراق وشرق الأردن وغيرها معاهدات تحالف وصداقة، ولكن هذه الدولة الصديقة هي التي أقامت إسرائيل في ديار العرب لتقلق بالهم وتشغل أذهانهم وقلوبهم، وهي التي منعت السلاح عن العرب عند انتصارهم على اليهود، وهي التي دفعتهم إلى قبول الهدنة الأولى بعد أن أصبح النصر أمرا محققا وواقعا ومؤكدا، وهي التي تحتل ديارهم وبلادهم؟؟
ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى ... عدوا له ما من صداقته بد
والآن
لا ترع يا صديقي فإن السنين ليس لها حساب في تاريخ الأمم، وقد رأيت الصليبيين أقاموا في الشرق مائتين من السنين، ولا ضير إذن من أن تقوم إسرائيل فمصيرها معروف مفهوم، ولكن ذلك لن يتم إلا إذا كانت الدول العربية في منتهى اليقظة تعمل على جمع كلمتها وتوحيد قوتها وإعداد القوات اللازمة لحمايتها إعدادا حربيا حديثا. وأهم من ذلك أن تؤمن بقضيتها وبعدالة مطالبها. إذا أمكن ذلك وهو ممكن إن شاء الله فستقضي هذه الدول على إسرائيل. أما إن أهملت شؤونها وتفرقت كلمتها فإن إسرائيل ستقضي عليها، وها هي قد بدأت عدوانها على مصر منذ حين وأخيرا على سوريا، ولست أدري كيف ينتهي