أيها العرب: ليست هذه أول مرة تبغي فيها أمم الغرب عليكم وتعتدي على أوطانكم؛ فأنتم جميعا تعرفون أن فلسطين والأقطار الإسلامية قد استهدفت لعدة حملات معروفة باسم الحروب الصليبية وكانت أولاها في المدة من ١٠٩٧ إلى ١٠٩٩ وقد نجح الصليبيون في هذه الحرب من فتح سواحل الشام ودخول بيت المقدس. وقد كتب قائدهم إلى البابا يبشره بما أحرزه من نصر فقال (إذا أردت أن تعرف مدى انتصارنا فاعلم أن خيولنا كانت تسبح في بحار من دماء المسلمين؟) وقد حق له أن يقول ذلك فقد قتل الصليبيون أكثر من ٧٠ ألفا من المسلمين وتمكنوا من تأسيس ما عرف باسم الإمارات اللاتينية، وما إسرائيل إلا إمارة لاتينية في القرن العشرين، وما أشبه الليلة بالبارحة!
وقد دام بقاء الصليبين في الشرق قرنين من الزمان؛ ثم طردوا نهائيا من الشرق، وعاد بيت المقدس والأماكن المقدسة فيه إلى يد المسلمين.
ولكن لا تحسن أيها القارئ أن هذا العمل كان مهلا ميسرا بل على العكس كان هذا العمل شاقا عسيرا، ولكن همم الرجال وعزائم الأبطال هي التي مكنت للعرب من استرداد حقوقهم، ويرجع الفضل في ذلك إلى بطلين عظيمين. . هما نور الدين محمود وصلاح الدين الأيوبي، وقد استطاع الأخير أن يعيد فتح بيت المقدس وأن يضيق على الصليبين حتى أصبحت أملاكهم لا تتجاوز شريطا ضيقا من صور إلى يافا. وثم طردهم نهائيا في عصر المماليك.
مقارنة
وجدير بنا أن نذكر أن الصليبين كانوا أكثر إنسانية من الصهيونيين، فبرغم أن الحملات الصليبية جاءت إلى الشرق في العصور الوسطى وهي عصور تعتبر عصورا متأخرة، إلا أنهم لم يقترفوا من الإثم ما اقترفه الصهيونيون. ذلك أن الصليبين لم يطردوا العرب من ديارهم وإنما أبقوا عليهم وتركوهم في ديارهم آمنين مطمئنين، أما في القرن العشرين عصر المدينة والتقدم فقد اقترف الصهيونيون أشنع الإثم وأكبر الجرائم، فطردوا السكان الآمنين من ديارهم وشردوا نساءهم وأطفالهم، وهكذا تكون المدنية والإنسانية؟