الحرب العالمية الثانية فاضطرت أن تعمل على إرضاء العرب، ومرة أخرى خدع العرب ووثقوا في بريطانيا ووعودها وأخلدوا إلى الهدوء والسكينة؛ وأما الصهيونيون فقد ضايقهم بطئ إنجلترا في تحقيق أمانيهم فلجئوا إلى الغدر والاغتيال واعتدوا على الموظفين الإنجليز في فلسطين، بل إنهم قتلوا وزيرا بريطانيا هو اللورد موين في القاهرة!!
مملكة
وأنتهت الحرب وبدأت إنجلترا تقلب للعرب ظهر المجن وتكشر عن أنياب الغدر فرتبت أمورها وأعدت عدتها وعقدت معاهدة مع شرق الأردن ١٩٤٦ وبمقتضاها أصبح الأمير عبد الله ملكا لشرق الأردن، وقد اشترط في المعاهدة أن تسمح شرق الأردن لبريطانيا بوضع جنود بريطانيين في أراضيها على قدر ما ترغب بريطانيا أو تراه ضروريا، ومن عجب أن شرق الأردن هذه مملكة لا سواحل لها. ولست أدري كيف تستطيع القوات البريطانية الوصول إلى شرق الأردن ما دامت بريطانيا قد أعلنت أنها ستترك فلسطين؟؟ لكن بريطانيا دبرت وقدرت فهي ستخرج من فلسطين لتعود إليها من جديد وفي شكل جديد، ولن يكون ذلك إلا بقيام إسرائيل.
بعد عمل الترتيبات السابقة أعلنت بريطانيا أنها قد يئست من إصلاح الأمر في فلسطين، وأنها تعلن انتهاء الانتداب البريطاني في ١٥ مايو ١٩٤٨.
وما حل هذا اليوم حتى انسحبت بريطانيا من فلسطين وأصبح العرب وجها لوجه أمام الصهيونيين، وسارعت الدول العربية إلى نجدة العرب وأحرزت قواتها انتصارات رائعة، وفي مدى أيام بانت الجيوش العربية تهدد تل أبيب عاصمة إسرائيل.
وفجأة تتدخل إنجلترا وأمريكا وتأمر الدول العربية بوقف القتال وإعلان الهدنة، وترى الدول العربية نفسها في موقف حرج وتقرر قبول الهدنة. وفي فترة الهدنة تستعد إسرائيل وتنسحب شرق الأردن وتلعب بريطانيا فتمنع السلاح عمن تشاء وتعطي من تشاء؛ ويتجدد القتال وقد تآمرت أمريكا وإنجلترا مع إسرائيل على العرب وينتهي الأمر بقيام دولة إسرائيل!! ويطرد العرب من أوطانهم وتقوم دولة في القرن العشرين على أساس ديني في الوقت الذي ترى فيه الدول الغربية أن مجرد تمسك أمة من الأمم بدينها رجعية لا مبرر لها.