ما بقى من الترجمات غير مصلح ولخصها. أوعز إليه بذلك منصور ابن نوح الساماني فأجاب وسمى كتابه (التعليم الثاني) ولذلك سموه المعلم الثاني كما في كشف الظنون (ج١ص٤٤٨) ومن مؤلفاته الباقية إلى الآن نحو (١٢) كتابا في المنطق متفرقة في مكاتب أوربا، بعضها منقول إلى اللاتينية أو العبرانية أكثرها في الأسكوريال، وبعض الترجمات اللاتينية مطبوع في البندقية وغيرها الخ. وقد طعن العقاد فيما يدعيه بعض المؤرخين من هذه الصلة بين الفارابي ومنصور بن نوح الذي يرى العقاد أنه صار ملكا بعد موت الفارابي بإحدى عشرة سنة كما تقدم. أما تلقيبه بالمعلم الثاني فإن دي بوير في كتابه في (تاريخ الفلسفة الإسلامية) يرى له وجها آخر إذ قال ولم يتعين حتى الآن الترتيب التاريخي لمؤلفات الفارابي، وإذا صح له أن رسائل صغيرة نحن فيها منحى المتكلمين والفلاسفة الطبيعيين، وإذا صح أنها كانت على هذه الصورة التي انتهت إلينا فهي مؤلفات كتبها للجمهور أيام صباه؛ فلما أوغل في الدرس انتقل إلى دراسة مؤلفات أرسطو ولهذا سماه أهل الشرق المعلم الثاني، فهو إذن قد اكتسب هذا اللقب الجليل بشروحه لمؤلفات المعلم الأول.
ويقول العقاد في رسالته عن الفارابي. . ومهما يكن من شيء فإن عناية الفارابي بالمنطق واهتمامه بشرح آراء المعلم الأول وبيان فلسفته وتقريب فهمه إلى معاصريه جعل له عند العرب مكانة لا تداني حتى أنهم لقبوه بالمعلم الثاني. وقد فهم (هامر خطأ أن الفارابي سمي بالمعلم الثاني لأنه كان ثاني فلاسفة المسلمين، المبرزين، ونحن نجد هذه التسمية لأول مرة عند البيهقي ثم نجدها بعد ذلك عند الشهرزوري. وقد ذهب طاشكبرى زاده وحاج خليفة إلى أن لهذه التسمية سببا هو أن الفارابي صنف كتابا سماه (التعليم الثاني) هذب فيه وصحح ما ترجمه الأوائل من كتب المعلم الأول الخ. . . ومهما تعددت الروايات في سبب تسمية الفارابي (والأصح تلقيبه) بالمعلم الثاني فإنهما جميعا تتلاقى في الدلالة على ما كان له من عظيم القدر ورفيع المكانة.