للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

دار ياسر. ثم نرى جمعا من قريش في المسجد يتحدثون عن هذا الحدث الذي أتاه أبي جهل في البلد الحرام الذي يأوى إليه الناس فيجدون به الأمن والسلام، وينكر بعضهم علىأبيجهل فعلته، ويؤيده آخرون فيما ذهب إليه من تعذيب الرقيق والأحلاف الذين اعتنقوا الإسلام، ليكونوا عبرة لغيرهم من ذوي العشائر التي تقوم دونهم إذا أرادهم أحد بمكروه.

ويمعن أبو جهل في التنكيل بآل ياسر ويذيقهم ألوان العذاب، ويلح عليهم أن يذكروا محمداً بسوء وآلهة قريش بخير، فيأبون كل الإباء، فيقتل أبو جهل سمية ويلحق بها زوجها ياسرا، ولكنه يبقي على حياة عمار ليذيقه العذاب.

وتتسع حركة التعذيب فتشمل آخرين من المسلمين المستضعفين، أرقاء وأحلافا، كبلال وصهيب وخباب بن الأرث، وكلهم يظهر الجلد ويصبر على العذاب.

وتتوالى الحوادث فيبايع النبي صلى الله عليه وسلم أهل يثرب، ويهاجر المسلمون إلى المدينة، ثم يهاجر الرسول وصاحبه الصديق، ويتبعهما المشركون ثم يعودون خائبين، ويبلغ النبي وصاحبه المدينة فيتلقاه الأنصار والمهاجرون بالغبطة والاستبشار، ثم تقع غزوة بدر ويقتل فيها أبو جهل، ويعرض بعقب مناظر بدر، منظر جيش المسلمين في فتح مكة ودخولهم إليها من شعاب مختلفة وتحطيم الأصنام وصعود بلال إلى ظهر الكعبة يرفع صوته قائلا: أشهدأن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله.

والذي ألاحظه - وقد قرأت كتاب الوعد الحق ثم شاهدت فلم ظهور الإسلام - أن الفكرة الأولى في الكتاب أصابها بعض التحوير في الفلم، فقد تناول الكتاب جماعة من الأرقاء والأحلاف الذين يعيشون في كنف سادة قريش بمكة، تناولهم تناولاً إنسانيا رائعا، سبق التاريخ إليهم: فإن التاريخ لم يعرفهم إلا عند بدأ الدعوة الإسلامية، أما مؤلف (الوعد الحق) فقد استعمل هذا التاريخ المعروف ريثما يرسل خياله إلى الوراء عشرات من السنين، يتقصى الظروف والأحوال التي طرأ فيها أولئك الأخلاط على مكة، ويعرض علاقاتهم بالبيئة الجديدة، ويسوق حديث نفوسهم ومشاعرهم نحو السادة الذين يعايشونهم، وهم أحيانا يرضون بشيم هؤلاء السادة وما يبسطون لهم من ظل فيحرصون على ولائهم والوفاء لهم، وأحيانا أخرى - وهي كثيرة - يبدون الضجر والسخط على القيود التي يعانونها من الرق الظالم ومن أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية التي يحرمون بمقتضاها ما يستمتع به من لا

<<  <  ج:
ص:  >  >>