الشديد بالطبيعة، أو الفن الروماني بمظهره القوي المترف، فقد ظلت حركة التجديد مستمرة قوية شديدة الطموح لا تقف عند حد. ومن الصعب أن نحصي أسماء المجددين ونوضح مقومات فنهم، ولذلك نكتفي الآن بمجرد إشارات سريعة إلى بعض هؤلاء الفنانين.
فهناك النحات الرسام فرانسوا إتيان كابتيه (وقد مات حوالي سنة ١٩٠٢) الذي أنتج عدة تماثيل معبرة عن مختلف الأفكار والعواطف والحالات النفسية ونذكر من بينها تماثيل (آدم وحواء، والطوفان الأخير، واليأس). وهناك المثال (جوست بيكيت)(وقد مات حوالي سنة ١٩٠٧) الذي نبه ذكره منذ عرض بعض تماثيله في معرض (الصالون الفرنسي) حوالي سنة ١٨٥٧، والذي حاول في عدة تماثيل أن سيتلهم الفن الفرعوني ويزاوج بينه وبين الفن الحديث وذلك بإدخال عنصر الحركة. وأما المثال الشهير (أوجست رودان) فمن الأسماء التي أكدت وجودها في عالم النحت. فمنذ عرض تمثاله (الأنف المكسور) حوالي سنة ١٨٧٠ أثار عاصفة من الجدل لم تلبث أن اشتدت حين عرض تمثالي (القبلة) و (يد الله). ولقد وجهت إليه أعنف سهام السخرية وأقسى أحكام النقد ولكنه لم يعبأ بشيء ومضى في عناد يحقق وجهة نظره في النحت. كان (رودان) مشغوفا بالتعبير لا بالجمال فحسب ولذلك فقد كان يجسم - وقد يبالغ - عواطف البشر ومشاعرهم وأفكارهم العميقة. وهو بعمله ذاك يصنع (الشخصية) في النحت. وهي شخصية بطولية إن لم تقم بطولتها على العضلات المفتولة والجسد المتين البناء (على نحو ما نجد في تماثيل ميكل إنجلو) فقد قامت على تعبير نفسي أو فكري يرهق الكائن البشري.
وأما المثال (أنطوان بورديل) فقد بدأ حياته الفنية متأثرا بنفوذ أستاذه (فالجيير) ثم لم يلبث أن خرج عليه وثار على الفن (الأكاديمي). وأخذ يعمل مع المثال (رودان) منذ عام ١٨٩٦ ثم مضى في النهاية يحقق أسلوبه الشخصي الذي يميل إلى البناء وفي نفس الوقت يعطي صورة هندسية لما يحتفظ به المثال من ظلال رومانسية. وهو لم يتخل عن عنصر الحركة وعن كل ما هو (درامي) ولكنه يحقق التوازن فيما يختار من العناصر والقيم الفنية.
أما (أرستيدل مايول أستاذ النحت المعاصر الحقيقي - فهو يركز كل مواهبه في (البناء) على نحو يؤكد الإحساس بعناصر الحياة الأصلية في الكون، وفضلا عن ذلك فهو يثبت قيم النحت الأساسية التي أدركها الفراعنة والإغريق. لقد استطاع في براعة أن يضع الحسد