للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفاصل بين القديم والجديد، وأن يمهد السبيل الحقيقي للنحت الحديث وساعده على ذلك ميله الشديد (للفورم) النسوي. وإنه ليخضع كما يقول الأستاذ. أ. هربلان) بتواضع لاحترام قوانين عالم النحت.

ونستطيع أن ندرك قيمة التجديد الذي أعلنه القرن العشرون حين نتأمل مجموعة تماثيل الفنانين المعاصرين أمثال جوزيف برنار و (بومبو والأول قد مارس التشكيل المباشر على نحو جديد شديد التأثر بالاتجاه العصري. والثاني أكثر جرأة وأقل احتفالا بالقيم الكلاسيكية، وهو قد ذهب بعيدا منذ أرجع (السلويت) الحيواني إلى أوضاعه المبسطة فساعده ذلك على الانتقام من التجسيم الأولى إلى التجسيد الهندسي وإلى المناظر التخطيطية. والحق أنه قد أختار الموضوعات المناسبة تماما لأسلوبه القائم على التبسيط. . . . أختار بعض الطيور كالدجاجة والوزة في أكثر وضعاتها ألفة وأقلها (دراماتيكية).

ولئن كان هؤلاء الذين أشرنا إليهم قد وضعوا أسس التجديد فإن أمثال (زادكين وليبشيتز ولورا وجارجالو قد حاولوا الوصول إلى أبعد آماد التجديد. فهم قد نفروا من كل ما هو محسوس وأعرضوا تماما عن الحياة الحسية وآثروا مجال الإطلاق (لفن عقلي بحت). ويرى (هربلان) أن استعمالهم مختلف الخامات (كالحديد والصلب المضروب والخيوط المعدنية) قد سهل عليهم إنتاج ما سماه (بالتركيبات المجانية) أي التي لا هدف لها). وإنه ليرى - أيضاً - أن تأثيرات التكعيبية والفن الرنجي معا قد جعلت بعض الفنانين يميلون إلى اعتبار النحت من مسائل (التشكيل البحت).

ومهما يكن الأمر فإن استعمال هذه الخامات الجديدة (في النحت) قد أظهر هذا النوع من النحت الذي لا يشغل مسافة ثابتة في الفضاء وإنما يترك الفضاء لينساب من بينه. ويقول هربلان (إن النحت الشفاف الذي نراه عند (ليبشيتز) والأشكال المفرغة عند (زادكين) لا تستبعد الغنائية ولا الروحية، بل إن تمثال (النبي) القفصي الصنع (لجارجالو) يعتبر من الروائع. ويضيف (ويبدو أن بيكاسو - وهو الرسام العجيب - قد اختار أن ينسى عبقريته ليقتصر على استثارة ما هو واقعي وممكن الحدوث، وذلك في تركيباته اللغزية وبواسطة تفصيل واحد موحي كعين أو خد أو أنف ممسوح أو ساق تخرج على المعقول في نسبها. . .

<<  <  ج:
ص:  >  >>