للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الجرأة ما تقتحم به سور البرلمان على نوابه!

وهكذا ترعرع غرس قاسم، وأضاءت شعلة قاسم: ولكن دعوته أسرعت في طريق وأبطأت في طريق: أسرعت في الحرية والسفور حتى كادت تخرج عن الحد، وأبطأت في تضييق الزواج وتقييد الطلاق حتى كادت تنقطع عن السير. والعجيب أن المطلبين اللذين نجحا كانا مثار الخلاف والسخط، والمطلبين اللذين فشلا كانا موضع الوفاق والرضا. والعلة في السرعة أو النجاح هنا، وفي البطء أو الفشل هناك، أن الحرية والسفور أمرهما بيد المرأة، وأن تضيق الزواج وتقييد الطلاق أمرهما بيد الرجل!

سيداتي أعضاء الاتحاد النسائي!

إنكن تحتفلن اليوم بذكرى وفاة قاسم أمين، وإنه لوفاء منكن أن تمجدن ذكرى رجل قضي خمسا وعشرين سنة من عمره القصير، يسعى لكن، ويدافع عنكن، ويحتمل الأذى في سبيل أن يعترف الرجال بحقكن في الحياة ومكانكن من الوجود. ولم ينصرف إلى جوار الله إلا بعد أن رسم لكن خطة الجهاد، ووضع لكن دستور هذا الاتحاد. ولكن أجمل الوفاء أن تتبعن الطريق الذي نهجه، وتنفذون الدستور الذي وضعه. كان قاسم يطلب لكن الحرية من غير شطط، والسفور من غير تبرج، والاختلاط من غير ريبة، وممارسة الحقوق في نطاق الواجب، ومزاولة الأعمال في حدود التخصص. وإن كتبه لتشهد على أنه لم يطلب لكن شيئا يناقض الدين، أو يعارض الخلق، أو يجافي التقاليد، والسيدة زوجه، وهي من أفهم الناس لدعوته، وأعلمهم بنيته، تقول في حديث لها: إن فتيات هذا الجيل قد أسأن فهم هذه الدعوة وتجاوزن مداها؛ فإن قاسما لم يدع إلا إلى السفور الشرعي والاختلاط المقيد. وإنه ليحزنني أن يحمله الناس أوزار هذه الحال. وأعتقد أنه لو كان حيا لرأى في تبرج الفتاة فسوقا عن دعوته وزيغا عن سبيله.

فأنتن يا سيداتي خليقات أن تنقين مبادئ قاسم من شوائب الهوى والغي. وإنكن لتعلمن أن جوهر هذه المبادئ قيام الأمر بين الزوجين على المودة والرحمة، وبين المتعاملين على الصداقة والتعاون، وبين المواطنين على الدين والخلق؛ وأن التربية والتعليم والسياسة والحكم يجب أن تصدر عن هذا المبدأ وتتوافى عند هذه الغاية. والناس يقولون إن المرأة وهي معنى الوئام والحب في الأمة، أصبحت عاملا من عوامل التنافر والفرقة في الأسرة؛

<<  <  ج:
ص:  >  >>