للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وخربوا المدن والحصون، وأحرقوا الأديار والكنائس.

ولما اشتدت وطأة العرب في جنوب فرنسا وبلغ السخط من غزواتهم وعيثهم ذروته، اعتزم سادة الجنوب وعلى رأسهم هوج ملك بروفانس أن يبذلوا كل ما في وسعهم لسحق ذلك العدة المزعج؛ ورأى هوج أن يبدأبافتتاح حصن فراكسنيه (فراكسنتم) الذي يمنع به العرب ويتخذونه قاعدة تأمين مواصلاتهم مع أسبانيا وأفريقية، وقاعدة للإغارة على الداخل، وكتب إلى صهره إمبراطور قسطنطينية يطلب منها أسطولاً من قاذفات النار اليونانية حتى يستطيع مهاجمة العرب من البر والبحر معاً. فلبي نداءه، وفي سنة ٩٤٣ رسا أسطول بيزنطي في مياه نروبيه، وزحف هوج في نفس الوقت بجيشه على فراكسنيه؛ وهوجم العرب من البر والبحر بمنتهى الشدة وأحرقت سفنهم؛ ونفذ هوج إلى الحصن بعد قتال رائع، وفر العرب إلى الآكام والربى، وكاد يسحق سلطانهم في تلك الأنحاء. ولكن حدث عندئذ أن علم هوج أن خصمه ومنافسه بيرانجيه قد عاد إلى إيطاليا لينازعه في انتزاع عرشها، فصرف هوج الأسطول، واضطر أن يعقد الصلح مع العرب بشرط أن يبقوا في رؤوس الألب وممراته وأن يغلقوا الطريق إلى إيطاليا في وجه خصمه؛ وبذلك استعاد العرب قلاعهم وسيادتهم في جنوب بروفانس.

واحتل العرب آكام الألب وممراتها، وفرضوا الضرائب الفادحة على المسافرين، واستطاعوا بسيطرتهم على ممر سان برنار الكبير الموصل بين سويسره وإيطاليا وغيره من الممرات والمعاقل الجبلية، أن يجتاحوا الأنحاء المجاورة، وأن يبثوا فيها الذعر والروع واستقرت منهم جموع كبيرة في السهول والضباع القريبة من معاقلهم، وتزوجوا النساء الأسيرات، وزرعوا الأرض، واكتفى أمراء هذه النواحي بأن يحصلوا منهم بعض الضرائب.

ونفذ العرب أيضاً إلى منطقة نيس أجدى ولايات مملكة آرل

الجنوبية، واجتحاوا شاطئ ليجوريا كله (جنوه)؛ بل يظهر أن

سرية منهم استقرت في نيس ذاتها، وما زال في نيس إلى

اليوم حي يعرف بحي العرب وأخيراً نفذ العرب إلى قلب

<<  <  ج:
ص:  >  >>