الورد في سرر الغصون مفتح ... متقابل يثني على الفتاح
ضاحي المواكب في الرياض مميز ... دون الزهور بشوكة وسلاح
مر النسيم بصفحتيه مقبِّلا ... مر الشفاه على خدود ملاح
هنك الردى من حسنه وبهائه ... بالليل ما نسجت يد الأصباح
ينيبك مصرعه وكل زائل ... أن الحياة كغدوة ورواح
ويقائق النسرين في أغصانها ... كالدر ركب في صدور رماح
والياسمين لطيفة ونقيه ... كسريرة المتنزه المسماح
متألق خلل الغصون كأنه ... في بلجة الاصباح ضوء صباح
ثم يقول في الأخرى:
مرحباً بالربيع في ريعانه ... وبأنواره، وطيب زمانه
زفت الأرض في مواكب (آزا ... ر) وشب الزمان في مِهرجانه
نزل السهلَ ضاحك البشر؛ يمشي ... فيه مشي الأمير في بستانه
عاد حَلياً براحتيه ووشياً ... طول أنهاره، وعرض جنانه
لف في طيلسانه طور الأ ... ض فطاب الأديم من طيلسانه
ساحر، فتنة العيون، مبين ... فصَّل الماء في الربا بجمانه
عبقري الخيال، زاد على الطيف، وأربى عليه في ألوانه
صبغة الله، أين منها رفائيل، ومنقاشه وسحر بنانه؟
رَّنم الروض جدولا ونسيما ... وتلا طيرَ أيكه غصن بانه
وشدت في الربا الرياحين همساً ... كتغني الطروب في وجدانه
كل ريحانة بلحن؛ كعرس ... أُلفت للغناء شتى قيانه
نغم في السماء والأرض شتى ... من معاني الربيع، أو ألحانه
هذه وتلك أيها السادة أبيات من قصيدتي شوقي في الربيع؛ وهما كما علمتم مما سمعتم مثالان من الشعر العالي الطبقة الرفيع النسق إذا وازناهما بالمأثور من الشعر المصري في هذا الباب، وربما انقطع نظيرهما أو ندر في الشعر العربي كله! ولكننا إذا وازناهما بما قرأنا في موضوعهما من الشعر الأوربي شالت كفتهما في هذه الموازنة. فإن شوقي رحمه