كيف أصبحت بريطانيا أمة بحرية وكيف أصبحت سيدة البحار؟ لقد رأينا فيما سبق أن بريطانيا تتكون من عدة جزائر تحيط بها البحار والمحيطات، ومن طبيعة أهل السواحل أن يلجئوا إلى البحر المجاور التماسا للرزق وسعيا وراء السمك، وقد ساعد الإنجليز على ركوب البحر توفر الغابات والأخشاب اللازمة لصناعة السفن في بلادهم، ثم إن الإنتاج الزراعي لا يكفي حاجة السكان مما جعلهم يلجئون إلى البحر. هكذا تعلم البريطانيون الملاحة
وفي عصر النهضة والاستكشافات راع الإنجليز ما أحرزته إسبانيا من ممتلكات في أمريكا، وما استولت عليه من ثروات ضخمة، فبدأ ملاحوها المعروفون باسم قراصنة البحر بزعامة سير فرنسيس دريك يهاجمون السفن الإسبانية، وانضمت إنجلترا إلى جانب هولندا التي ثارت ضد إسبانيا وقدمت لها مساعدات قيمة. الأمر الذي أثار ثائرة فيليب الثاني ملك إسبانيا وبلغ النزاع أشده بين دولتين: إحداهما تتزعم المذهب البروتستانتي وهي إنجلترا، والثانية تتزعم المذهب الكاثوليكي وهي إسبانيا، فأعد فيليب أسطولا عظيما عرف باسم (الأرمادا) ليغزو به بريطانيا في بلادها، وهنا واجهت إنجلترا أزمة خانقة ولكنها وقفت ملكة (اليصابات) وشعبا في وجه الأسبان، وحطم البحارة الإنجليز الأسطول الإسباني الكبير في يوليو ١٥٨٨ وهكذا بدأت بريطانيا زعامتها البحرية
على أن بريطانيا لم تلبث أن وجدت نفسها أمام دولة أخرى تنافسها في ميدان الاستعمار والسيادة على البحار وهي فرنسا، ولكن بريطانيا أخذت تنازل عدوتها، وفي خلال حرب السنين السبع ١٧٥٦ - ١٧٦٣ تمكنت من الاستيلاء على ممتلكات فرنسا في أمريكا والهند
وجاء عصر الثورة ونابليون، واستطاع نابليون أن يفرض - كما فعل هتلر - سلطانه على أوربا، وبقيت إنجلترا وفكر في غزوها، ولكن قوتها البحرية ردته إلى صوابه ففكر في طريقة أخرى ليضرب بها إنجلترا، ورأى أن خير طريقة، لتحقيق ذلك تكون بالقضاء عليها في مستعمراتها، ومن هنا جاء نابليون في حملته المشهورة إلى مصر ١٧٩٨
وعرفت بريطانيا أن نابليون قد جاء إلى مصر ليقضي على إمبراطوريتها في الهند فوقفت له بالمرصاد، وحطم بطلها العظيم نلسن الأسطول الفرنسي في موقعة أبي قير البحرية في