للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

عن طوية خبيثة، فإذا هو يسر الكفر إسرارا، ويصر على اعتقاده إصرارا؛ بل هو يحن إلى سالف عهده فيه حنيناً لا يخرجه منه إلا أن يرتد إليه، ويبكي مجد مجوسيته الذاهب بكاء من فقد آثر الأشياء عنده وأعزها إليه:

قد كان بوأه الخليفة جانباً ... من قلبه حرماً على الأقدار

فسقاه ماء الخفض غير مصرد ... وأنامه في الأمن غير غرار

ورأى به ما لم يكن يوما رأى ... عمر بن شأس قلبه بعرار

فإذا أبن كافرة، يسر بكفره ... وجداً كوجد فرزدق بنوار

وإذا تذكره بكاه كما بكى ... كعب زمان رثى آبا المغوار

وحديث عمرو بن شأس الأسدي مع زوجته وولده مشهور كانت له امرأة من رهطه يقال لها أم حسان بنت الحارث، وكان له أبن يقال له عرار من أمة له سوداء، فكانت تعيره به وتؤذي عرارا ويؤذيها، وتشتمه ويشتمها. فلما أعيت عمراً بالأذى والمكروه في أبنه، قال الكلمة التي فيها هذه الأبيات:

ألم يأتها أني صحوت وأنني ... تحلمت حتى ما أعارم من عرم

وأطرقت إطراق الشجاع ولو رأى ... مساغا لنابيه الشجاع لقد أزم

فإن عراراً إن يكن غير واضح ... فإني أحب الجون ذا المنكب العمم

وإن عراراً إن يكن ذا شكيمة ... تقاسينها منه، فما أملك الشيم

أردت عراراً بالهوان ومن يرد ... عراراً لعمري بالهوان فقد ظلم!

أما وجد الفرزدق بزوجته (نوار) وندمه على تطليقها، فليس يعد لهما وجد ولا ندم. وهو القائل في ذلك

ندمت ندامة الكسعي لما ... غدت مني مطلقة نوار

والذي يشير إليه أبو تمام من وثاء كعب لأبي المغوار، هو البائية التي أنشدها كعب بن سعد الغنوي في رثاء أبي المغوار واسمه هرم أو شبيب، وفيها يقول:

ودع دعا: يا من يجيب إلى الندى ... فلم يستجيبه عند ذاك مجيب

فقلت ادع أخرى وارفع الصوت دعوة ... لعل أبا المغوار منك قريب

يجبك كما قد كان يفعل، إنه ... مجيب لأبواب العلاء طلوب

<<  <  ج:
ص:  >  >>