ونحسب أننا في هذه السنة لا نجد رسالة أروع من قصة موت جندي الإسلام الشهيد العظيم خواجة كمال الدين. إن قصة حياته لأبناء وبنات المسلمين أروع أمثلة البطولة، ولكم نرجو لو أن كل نقطة من دم الراحل الذي سقط شهيدا تحت راية الجهاد، تتحول إلى ينبوع في القلوب يملؤها بحب الإسلام وإعلاء كلمته، والتفاني في خدمته
سجاياه العالية
كل ما ذكرناه عن شخصية خواجة كمال الدين لم يكن غير المظهر الخارجي الذي نستطيع أن نلمحه من وراء آثاره المكتوبة ومن النتائج الخطيرة التي انتهت إليها تلك الأعمال. وهذه الشخصية الجبارة لم يستطع النفوذ إلى بعض أسرار العظمة فيها غير اؤلئك الذين كانت لهم صلات مباشرة معه في حياته وأعماله ولكي نفتح الباب الذي يؤدي إلى هذه الشخصية نقبس بعض الفقرات التي كتبها عنه أصدقاؤه المقربون. كتب المحامي الإنجليزي الشهير المستر بكتال في سبيل التحدث عن رقته، وجلده، وحنانه، وإنسانيته، يقول:(لقد ولد بالفطرة محاربا من الطراز النادر في سبيل القضية التي وقف عليها حياته، ولم يعترف بالهزيمة أبدا، وكانت الابتسامة لا تفارق شفتيه، وكان لا يرى غير الناحية المشرفة من الأشياء والناس، سائرا في طريقه قدما لا يلتفت وراءه، يقابل كل خيبة أو فشل بإعادة آية من كلام الله. . لقد كان وفيا في صداقته إلى أبعد حدود الوفاء، لبقا، كريم السجايا، وفوق كل شيء كان متزنا جداً)
وكتب عنه زميله في العمل الدكتور جيلان محمد من لاهور بالباكستان يقول:(وحتى وهو تحت وطأة المرض الشديد، لا يستطيع الحراك من فراشه، لم يتحلل من العمل المضني الذي فرضه على نفسه. لقد كان صورة رائعة للجلد والاحتمال والصبر - وكأنه عمود من القوة والجبروت، أو برج شاهق من النور يشع على ما حوله. . . كان وديعا، رائعا، يفيض قلبه بالحب، وكان الإحساس يتدفق من طبيعة عميقة. . . .)
ولعل اللورد هدلي قد وفق في التعبير عن عواطف الحزن العميقة حين فجعه الموت في صديقه الحميم؛ فعبر عن كل ذلك الحزن أو بعضه بكلمات تنفذ إلى مواطن الشعور من النفس الإنسانية، فيها بساطة التعبير وعمق الإحساس. (نحن نبكي اليوم لفقد مسلم لا مثيل له في العصر الذي نعيش فيه. . . فلقد ترك أخونا العزيز وراءه مثلا جميلا لحياة طاهرة،