قضاها في منفعة الآخرين فإن روح الإسلام قد أشرقت على جوانب تلك الشخصية العظيمة فغدت فوق الأرض نموذجا رائعا في حياتها اليومية، في خشوعها نحو الخالق. . . لقد تلاقى في تلك الشخصية النادرة، قلب رحيم وعقل عبقري. . . لا أذكر أنني سمعته مرة يتفوه بكلمة تمس شعور أي إنسان. . . وأولئك الذين كانت الظروف تسعدني بتقديمه إليهم؛ لم يلمسوا في حديثه أو سلوكه أي شيء من التعب). . . وبعد أن يحدث اللورد هدلي عن المجهود الجبار الذي بذله في التعليق على آي الكتاب الكريم؛ ختم ذلك الحديث الرائع بهذه الكلمات. . . (لقد واتتني الظروف فاطلعت على طريقته في تفسير كلام الله، وكيف كانت حياته صورة حية لتلك المعاني الألمعية)
جهاده في سبيل الإسلام
إن ما تركه اللورد هدلي في آخر حديثه لينطبق تمام الانطباق على الطريقة التي سار عليها خواجة كمال الدين في الخدمات الجلي التي قام بها لرفع لواء الإسلام. لقد أدرك جيدا أن نجاح أجدادنا في صدر الإسلام لم ينبعث إلا من السير وراء تعاليم الدين، وإن الأحفاد حينما استظلوا بغير لواء هذا الدين انقلبوا من غزاة تهتز الدنيا رعبا وهلعا من سيوفهم، إلى جيل من العبيد، لا يقام لهم وزن في حساب الكرامة بين البشر، وغدوا مجموعة من الجهلة المتأخرين، بعد أن كانوا ينيرون ظلام العالم بمشعل العلم والعرفان. . .
ولكن الخدمة التي أداها خواجة كمال الدين للإسلام لم تقتصر على فتحه الطريق المغلق إلى مرضاة الله في وجوهنا، وإنما دفعنا بسرعة فوق هذا الطريق بما بذل من جهود جبارة مستمرة جعلت هذا الطريق صالحا للسير، وبما وضع في بصائرنا من زاد التقوى. والوسائل التي مهد بها ذلك الطريق الوعر لم تكن غير آثاره الفكرية الرائعة التي لم نعرف عنها حتى الآن إلا القليل، ومن أبرز تلك الآثار الحية مجلة إسلامك ريفيو، والجمعية الإسلامية لإشاعة الإسلام في وكنج
لقد حاول آخرون قبله نشر الإسلام في أوروبا، ولكن الله أراد أن لا يتم النجاح إلا على يد خواجة كمال الدين. وعلى الرغم من مرور سبعة عشر عاما على وفاته فإن ثمرة ذلك العمل ما تزال في جدتها، وكأنها من عمل الحاضر تتجدد على مرور الزمان ماثلة أمام أعيننا