للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مع خاصته ليلاً، ويتواري عنهم نهاراً، ولا يعرف مقره أحد من أعوانه. وان ممن يجتمع به جابي بك شاد الشراب خاناه، وجابي بك الشامي.

وكان جابي بك الشامي يسكن مقربة من دار الأمير مصر باى فبعث الأمير إليه وإلى رفيقه، وسألهما عن العادل ومكانه فأنكروا معرفة مكانه، والاتصال به. فشدد الأمير عليهما النكير، وتهددهما بالعذاب الأليم، حتى أيقنا بالهلاك فلما رأى الخوف قد أستقر في نفسيهما، ونطقت بالهلع عيونها لان لهما القول، وبذل لهما الوعد باللقب والمال والجاه. ولمح لهما لأن السلطان سيعرف لهما يد هما فيرقيهما إلى الصف الأول من صفوف أمرائه. وهكذا جعلهما بين خوف لا يستطيعان دفع شره ورجاءهما أحوج إلى غيره وبره.

حينئذ اعترفا لمصر باى بأنهما يجتمعان بالعادل بين الفينة والفينة. فقال لهما مصرباى: إنني أعتبر كما صديقين مخلصين، وعوناَ للسلطان على عدوه. فلنضع معاً خطة حكيمة، ولنحكم الشباك حتى لا يفلت منها الصيد.

فقالا له: اقترح ونحن نطيع وننفذ.

فقال مصر باى: زينا للعادل أنكما وأعوانكما تدبرون له أمر العودة إلى السلطنة، وأن كثيراً من الجند قد أنضم إليكم وأن الفتنة ضد السلطان الغورى قدزاد ضرامها، وأن المنشورات الثورية التي تذيعونها آتت أكلها، وأن الجنود على وشك إعلان السلطان بالعصيان والقتال وهم في حاجة إلى قيادته. . .

ثم ليأت العادل إلى دار جاني بك الشامي عشاء في ليلة نتفق عليها. . . ثم خذوا في الطعام والشراب إلى هدأة من الليل وألقوا في روعه أن ينتقل إلى دار الأتابكي جرباش كرت، المجاورة لدار جاني بك، وبها سرداب سري ينفذ إلى دارى. . . فيزحف مع خاصته من هذا السرداب حتى إلى فيقتتلني. . . ومن ثم يطيب له الزحف بمجموعه المنتظرة على القلعة فيملكها. . . ثم اتركاني أدبر بقية أمره. . .

أنصرف الرجلان وفي عشاء الاثنين ١٣ من ذي القعدة، وفد العادل على منزل جاني بك الشامي مسرفاً في الأمل، بهجاً يدنو عودته إلى عرشه. فتبسط له صديقاه في الحديث ومدا له الموائد الحافلة، وضربا له نصف الليل موعداً للهجوم على منزل مصر باى، وبينما هم في لهوهم وترقبهم إذ دهم المنزل الأمير مصر باي بجنوده. . . فأحس العادل بالخيانة

<<  <  ج:
ص:  >  >>