الفرنسية نم حرية وإخاء ومساواة، أن عمر بن الخطاب رضوان الله عليه هو الذي وضع أساس ذلك كله مستوحياً روح الإسلام - حين قال:(لم تستعبدون الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً)! وحين رفض أن يصيب من طعام لا يجد عامة المسلمين السبيل إليه، وكان ذلك الطعام من سنام جزور! ولا يعرفون كذلك ان عمر أيضاً هو الذي وضع الأساس العملي للعدالة الاجتماعية وضمان المعيشة الطيبة للناس جميعاً، بما فرض على الدولة من نفقة للفرد - بله المسلم! - وعياله حين يعجز عن العمل.
أما رجال العقلية الدينية، فقد عرفوا ظاهراً من الدين، حين ظنوه رسوماً تقام وعبادات تؤدي فحسب، وتجاهلوا حقيقته وغايته ووسائله، جهلوا أو تجاهلوا أن للدين رأيه في تحصيل القوة، ورأيه في الحرية والمساواة بين الكبير والصغير، فلا سادة ولا مسودين إلا بالعمل الخير يقوم للوطن والأمة. جهلوا أو تجاهلوا أن الدين، فضلاً عن أنه صلة بين العبد وربه تقوم على ما نعرف من شعائر وعبادات مقدسة، يدعو في إلحاح إلى أن تقوم العلاقة بين الانسان وأخيه الانسان، أو بين الحاكم والمحكوم، عل أساس العدل والتسوية، كما يدعو في إلحاح كذلك إلى عدم الخوف من الله وحده، وإلى أنه لا طاعة لمخلوق، مهما علا شأنه، في معصية الخالق. أليس رسول هذا الدين صلوات الله وسلامه عليه، يقول:(السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب أو كره ما بم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة)، أو كما قال!
ولو عرفوا ذلك معرفة حقة لجاهدوا مع المجاهدين في بعث الأمة من نومها، ولأعدوا الشعوب للمطالبة الجادة القوية بحقوقهم، ولجعلوا بهذا ولاة الأمر في الشرق من عوامل نهضته بدلا من أني كونوا حجر عثرة في طريق هذا النهوض.
لقد عكفنا على الماضي وحده، وتجاهلنا العصر ومعارفه وعلومه التي لا بد منها للنجاح في الحياة، ولتسخير الكون لنا كما أمر الله، واكتفينا بترديد أن الإسلام صالح لكل زمان ومكان. دون أن نكلف أنفسنا محاولة تبين أن له حقاً هذه المزية والفضيلة، وهذا لا يكون إلا بالبحث والمقارنات بين النظم القائمة وبين نظم الإسلام وتقاليده.
كان من هذا، كما نرى ونلمس، أن زادت الهوة بين فريقي الأمة اتساعاً. وكان من هذا أيضاً، أن صارت الأمة لا تسمع لنا، نحن رجال الدين، ما دمنا نعيش في نطاق خاص