العالم الناقص. وقد برهن ليبتز على ان الشر من الضروريأن يوجد في العالم لكي يكون من الممكن إظهار خير أعظم منه ولكن ليبتز لم يلاحظ أن نفس الدليل يثبت أيضاُ وبنفس القوة أنه من الضروري وجود الخير لكي يكون من الممكن إظهار شر أعظم منه، ولو أن عالماً سيئاً بعض السوء قد خلقه إله مطلق الإحساس، فان عالماً خيراً بعض الخير قد يكون الذي خلقه شيطان مطلق الشر، وكلا الدليلين يبدوان إنهما محتملان عند رسل، ويكفى إنهما محتملان وليسا بنقيين فيالرد عليهما.
ونختتم الآن هذا العرض الموجز لحياة رسل، وطرفاً من فلسفته بنقل تجربة عاناها برتر آند رسل نفسه وسجلها في أحد كتبه قال (إني لم أولد سعيداً. . . وفي سن الخامسة تفكرت في إنني لو عشت إلى السبعين أكون فقط قد تحملت إلى الان جزءاً من أربعة عشر جزءاً من حياتي وشعرت أن الشقاء الطويل المدى الذي أمامي مما لا يمكن تحمله، وفي المراهقة عفت الحياة وكنت على شفا الانتحار الذي لم يمنعني منه إلا رغبتي في أن أتزود أكثر من الرياضيات. والآن فإني على العكس أتمتع بالحياة، وبالأحرى يجب أن أقول إنني أتمتع بها بمرور الأعوام، وهذا راجع نوعاً ما إلى توفيقي في اكتشاف الأشياء التي أرغب فيها أكثر، وقد حصلت على كثير منها تدريجاً، وهذا راجع إلى نجاحي في طرد أشياء - كانت موضع الرغبة - مثل الحصول على معرفة حقيقية لا تقبل شكاً عن شيء أو غيره - لأنها من المحال إدراكها، ولكن هذا يرجع في الغالب إلى التقليل من محاسبة نفسي، فقد كنت كالآخرين الذين تلقوا تربية جافة (حنبلية) كثير التأمل في خطاياي وحماقتي وتقصيري وبدوت لنفسي - ومن دون شك كان ذلك صادقاً - مثلاً تعساً، وبالتدريج تعلمت أن أكون قليل الاهتمام بنفسي وبتقصيري، وأخذت أركز انتباهي بازدياد نحو الموضوعات الخارجية: حالات العالم، الفروع المختلفة للمعرفة، والأشخاص الذين أشعر نحوهم بحب. وحقاً إن الاهتمام بالأشياء الخارجية له المه المحتمل: فقد يشتبك العالم في حرب، وقد تكون المعرفة من الصعب الحصول عليها في بعض النواحي، وقد يموت الاصدقاء، ولكن الآلام من هذا النوع لا تقضى على القيمة الجوهرية للحياة كهذه الآلام التي تصدر عن النفور مع النفس، وكل اهتمام خارجي يوحي - ما دام الاهتمام فعلاً قوياً - بشيء من النشاط الذي يعتبر وقاية تامة من السآمة والضجر، وعلى العكس من ذلك لا يؤدي الاهتمام بذات