للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كما تفعل بأي شيء حلو لذيذ. ماذا طرأ علينا من تغيير وتطوير؟ كنا بالأمس (عبيد الباب العالي) ونحن اليوم عبيد الحزب الحاكم. . أي حزب كنا بالأمس ضحايا النهب والرشوة والاستغلال، ونحن اليوم كذلك أيضاً. كنا بالأمس مسلوبي الحرية والإرادة. . . وليس لنا دستور، ونحن اليوم مسلوبي الحرية والإرادة والكرامة ومعنا دستور. كنا بالأمس أمة مستعمرة بإكراه، ونحن اليوم أمة مستعمرة بمعاهدة) ويدعو في قوة وحماس إلى تنمية غرائز الغضب والنفور، وحب الذات في الشعب، وتركها تؤتي ثمارها في تقدم الأمة وتحريرها، ويرى أن غريزة حب الذات من انبل وأنفع السلائق الإنسانية.

ولو أن المؤلف أضاف إلى هذه المثبطات لتقدم الأمة، والعوامل في تأخرها، ولو أنه أضاف الإذاعة المصرية التي قتلت في الأمة عزتها، والصحف الماجنة التي جنت على أخلاقنا أشنع الجنيات وأقتلها، لأتم بذلك الدائرة الحقيرة التي تضغط الشعب وتحكم قيوده.

ولم أرد بهذا العرض السريع أن أوصل إلى القارئ كل ما في الكتاب من حقائق، وما يشتمل عليه من توجيهات للحكومات والشعوب، وإنما أردت - فقط - أن أشير إلى روح الكتاب ونهجه.

على أني لا أخلي المؤلف من اللوم، فإن عنده عقدة نفسية من رجال الدين، فهو يهجم عليهم لغير مناسبة، ويجنى عليهم ولا جناية، وليس أدل على ذلك من ذكره لهم عند حديثه على غريزة الغضب وغريزة حب الذات، فهو يحاول أن يحملهم وزراً مع أنهم لا يخالفونه في الرأي، وهو عند - النظر الفاحص - لم يزد على ما يقولونه شيئاً، وأنا لا أريد أن أخلي رجال الدين من التبعات، ولا من اللوم، ولكني أحب أن نلوم عندما نجد موضعاً للوم حتى يكون لومنا مفيداً. كما أن المؤلف لم يوفق في كلامه على التقاليد وبخاصة حين قال: (والحقيقة التي تغرب عن بالنا هي أن الأديان جميعها لم تأت إلا لتدمدم على التقاليد وتقلعها ثم تذروها مع الريح. .) هكذا يعمم الكلام. . . وهو خطأ ذريع.

إن المؤلف أسرف في إرخاء العنان للغرائز التي ذكرها، ولكنه دون أن يشعر رجع إلى الاعتدال، فهو مثلاً ينقل عن بعض الكتاب مؤيداً ما يقول الكاتب، وفي هذه الكلمات التي أشاد بها المؤلف هذه الفقرات عن غريزة الغضب (ولكننا إذا أرخينا الحبل لهذا الحافز العاطفي الذي لا غنى عنه كانت النتيجة مدمرة، فإن البغضاء المزمنة أو إمساك الحقد في

<<  <  ج:
ص:  >  >>