يخلفه على مجده وسلطانه، فتوحي إليه بتلك النجوى المشهورة التي تبلغ ستين ومائة بيت من عيون الشعر وغرره، ويدخل الملك ضريح العاهل فيتسنى له أن يسمع ما يقرره المؤتمرون فيعرف أن هرناني قد أنتخب بالقرعة ليقتله. ويدوي في تلك اللحظة صوت المدفع فجأةً فيعلن انتخاب دون كرلوس عاهلاً لألمانيا، فيخرج حين إذن من مكمنه ويدهم المتآمرين فيملأ قلوبهم رعباً ودهشة، ويريدون الفرار فيجدون المكان محصوراً بالجند، ويتقدم هرناني فيكشف للملك عن نفسه ويذكره بجنايته على أبيه. ويكون لهرناني ودونا سول والملك موقفاً رائع تتجلى فيه عواطف الحب والتضحية والشهامة، وينتهي بأن يعفو الملك عن جميع المتآمرين ويتخلى عن دونا سول لهرناني فيستعبد قلبه بهذه الأريحية. ويصبح اللص الشريف صادق الولاء مخلص القلب لشرلكان وهو الاسم الجديد للعاهل الجديد.
وفي الفصل الخامس:
لم تحل هذه النهاية في صدر الدوق جوميز. فلا هو رحض أهانته ولا هو نال حبيبته، فيأبى عليه طبعه أن يسعد غيره بشقوته، فيدع الزواج يتم والعرس يقام والعاشقين ينعمان معاً بنعمة الحب ولذة القرب، ولكنهما يسمعان نفخة بوق على بعد! ثم يدنو الصوت فإذا هو الشيخ جوميز يستنجز هرناني وعده بأن يقتل نفسه عند نفخة البوق، فيتوسل العروسان إليه بالرجاء والدعاء والدموع فلا يزداد إلا إصراراً وعناداً. ويظلم اليأس في عيني الزوجين البائسين فيخرج هرناني من منطقته قارورة من السم، فتأخذها منه دونا سول وتجرع نصفها وتقدم إلى زوجها الباقي فيشربه، فيخر الحبيبان صريعين تحت قدمي الدوق، ويهجم عليه هو أيضاً الندم ووخز الضمير فينتحر على جثتيهما الهامدتين.
ويؤخذ على هذه الدرامة أن العمل الروائي فيها خيالي محض، ينقصه الصدق والطبيعة، وأن تحليل أخلاقها سطحي غير عميق، وأن كثيراً من مواقفها غريب غير ممكن. وتجد هذا العيب أوضح ما يكون في الحل، فإن الدوق جوميز الذي ظل طوال الرواية شهماً كريماً لا يسوغ في العقل أن يكون في أخرها جامد الشعور زمن المروءة كما ظهر.