على إن اخطر نتائج الانقلاب الصناعي كان ظهور الاشتراكية، فقد قاسى العمال أهوالا كثيرة بسبب قلة أجورهم وازدحامهم في المراكز الصناعية وسكناهم في مساكن غير صحية واضطرارهم إلى العمل ساعات طوياه مضنية داخل المصانع، مما دفع كثيراً من المفكرين إلى العمل على وضع حد لإرهاق العمال وتحسين حالتهم.
وقد نبتت الفكرة الاشتراكية في رأس بعض رجال الثورة الفرنسية، وأنا أحب أن أنقل هنا ما قاله أحد رجالها وأسمه فقد ذهب إلى الطبقات الفقيرة لا يهمها أي تغير بقدر ما يهمها إن توفر لها أسباب الحياة الكريمة حيث قال:(عندما نظر إلى الفقراء فأجدهم محرومين من الكساء والأحذية التي يقومون بصنعها، وعندما انظر إلى تلك الفئة القليلة العدد التي لا تعمل، ومع هذا فهي ليست في حاجة إلى شيء لان كل شيء ميسر، أومن إن الحكومة إن هي إلا مؤامرة قديمة قامت بها الأقلية ضد الأغلبية.)
واقترح أن تستولي الحكومة على الأراضي وموارد الثروة، وان تعمل على استغلالها لمصلحة الشعب وطبقاته جميعاً.
ورغم إعدام بابيف فقد ظلت مبادئه حية في أذهان الفرنسيين لدرجة إن بعض اتباعه نادوا بها من جديد عند قيام ثورة بولية ١٨٣٠ في فرنسا. وقد أذيعت هذه المبادئ في إعلانات طبعت ١٨٣٢ جاء فيها:
(أننا لا نريد انقلاباً سياسياً وإنما نريد انقلاباً اجتماعياً. إن التوسع في الحقوق السياسية وفي الحقوق الانتخابية وفي إقامة حق الاقتراح كلها أشياء جميلة؛ ولكن غايتنا الرئيسية أن يكون هناك توزيع عادل لأعباء، الدولة ولما يجنيه أبناؤها من فوائد. أننا نبغي إقامة حكم عادل يكفل تحقيق المساواة لجميع أبناء الدولة.)
وقد كان من ابرز زعماء الاشتراكية في النصف الأول من القرن التاسع عشر روبرت اوبن الإنجليزي ولوي بلان الفرنسي، ولكن (كارل مركس) الألماني يعتبر واضع الاشتراكية الحديثة
ولد كارل ماركس ١٨١٨ وتربى في جامعتي بون وبرلين، ولكنه نفي من وطنه بروسيا