للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونكيد له كما كان يريد أن يكيد لها.

قيت: مهزلة! وثورة عابثة! وفتنة فارغة! ومجانة جادة! ومزاح ثقيل الظل! لا ادري فيما تتحدثان، وعن أي شيء تتكلمان، وبأي امرئ تتهكمان؟ إلا أن في ذهني لحية، وفي كفي لعصية. وباطل الملامة، يشوه الكرامة. . . وارخص ما يبذل للشرف الدماء، أهون ما يباع للعز الدماء.

ولكن قبل ذلك. . .! قولاً لمن يرفع عقيرته بالقاع عن السلطنة. . إن السلطنة التي عرفت مبلغ بلائنا وصدق ولائنا وحسن وفائنا. فاحفظوا على أنفسكم الكيد، واخشوا مغبة الدسيسة، واسفروا وجوهكم عما تطمعون فيه، فإن النفاق دليل العجز، وهو لن يغنيكم فتيلاً.

السلطان: لا تختصموا لدي. . . ولا توقروا قلبي بمثل هذه الشحناء. . . أنكم جميعاً عمد السلطنة. على سواعدكم تقوم، وبأيمانكم تقوى وتشتد. وهي في حاجة إلى كل فرد منكم، فكونوا لها حراساً، ولشعبها سواساً، ولتكن صلتكم الحسنى ورابطتكم المودة والإيثار. بكم ينعقد لها لواء العزة والمنعة. وينبسط بساط القبول والرضا.

ذروا التغرير بالجنود، وإغراءهم. وليفض كل منكم إلي بدخيلة نفسه، ناصحاً أمينا. وسيجد مني صدراً رحباً، وسمعاً خصباً، وقلباً سمحاً، ونفساً طيبة، ومودة.

طراباي: أنها لحظة حكيمة حازمة يا مولانا! وشرعة منصفة، وأني اعتماداً على مالي في قلب مولانا من رضا، ومالي إلى نفسه من قرب، وما يعرفه في من إخلاص، وما تفضل به عليّ من ثقة. التمس من مقامه الشريف بإسم طائفة منا، ألا يقبض على أحد من الأمراء بالظنة، حتى يظهر له وجه الحق فيه ابلج، وبتكشف له عنه الصواب واضحاً.

السلطان: إذا! انتم تخشوني وتأتمرون بي، كما كنتم تخشون الملك العادل وتأتمرون به. . . وان خشيتكم الباطلة لتدفعكم إلى التحريض على الفتنة بين الجنود، ودفعهم إلى الثورة على السلطنة، إلا أن هذه عادة أسلافكم الذين وجتموهم على أمة، وانتم على آثارهم مقتدون.

أيها الاتابكي قيت! لقد أمرت بالقبض على مصرباي، وجان بردى الغزالي. وغيرهما من الأمراء المتهمين بالدس والائتمار واضرام الفتن ولكن هل كان هذا الأمر إلا بعد استشارتكم؟

قيت: اجل يا مولانا!

<<  <  ج:
ص:  >  >>