اصدر معالي وزير المعارف، في هذا الأسبوع قرارا بترقية الأستاذ عبد الله حبيب مدير خدمة الشباب بوزارة المعارف إلى درجة مراقب مساعد. وهذا التفات كريم من الدكتور طه حسين باشا نحو تقدير الأدباء الذين يعرف معاليه مقدار المعوقات التي تقف في سبيل الحياة الكريمة اللائقة بهم والمثيبة لما يسكبون من عصارات النفوس وما يذيبون من شحوم الأعصاب أن كان لأعصابهم شحوم.
وترقية الأستاذ عبد الله حبيب إلى مراقب مساعد إنما تعتبر أمرا، بالنظر إلى ما فيها من استدراك لأهوال مضى وإزالة حواجز من سبيل الإنصاف وإنزال الناس منازلهم. أما المسألة في ذاتها فليست بذات شأن كبير بالنسبة آلة هذا الرجل الذي توافرت له المنزلة في عالم الأدب، والمؤهل الرسمي العالي، والخدمة الحكومية الطويلة، ولكن الاعتبارات التي جرت الأمور في مصر على أن ترفع التافهين والفارغين قضت على مثل عبد الله حبيب أن يظل في الوظيفة - دون هؤلاء التافهين والفارغين. .
ظهر عبد الله حبيب في عالم الأدب من نحو ربع قرن، اشتغل بتحقيق أمهات كتب الأدب بدار الكتب المصرية خمسة عشر عاماً وشارك في النهضة القصصية المصرية الحديثة فكان أحد كتابها المبرزين، وله مجموعات من القصص ظفرت بها المكتبة العربية فيما ظفرت به من القصص الحديث، هذا إلى جهوده في الصحافة وما كتب في النقد وما نظم من الشعر وقد دار في خدمة الحكومة دورة انتهت به إلى خدمة الشباب بوزارة المعارف وما زلنا نذكر مهرجان الشباب للأدب والفن الذي قامت به الوزارة سنة ١٩٤٨، والذي كان عبد الله حبيب عمود النشاط فيه، فكشف مواهب شباب تجلت في الشعر والقصص والخطابة.
فإن يقدر عبد الله حبيب بهذه الترقية، فليس الأمر أن ترجى إليه التهنئة، وإنما هو الاغتباط برعاية القيم والأقدار، في وقت كادت تفقد فيه ما تستحق من اعتبار.