للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذلك ما أراه من أثار التطور في أدب القاص تيمور بك في مرحلة أولى من مراحل تجديده. ثم حدثت آثار ثانية في قصصه تدعو إلى أن تعد مذهبا تجديدياً، أو تطورا أخر.

فلقد عرفناه في اكثر قصصه إذ سمت وقور، غير متخفف في اللفظ ولا في المعنى، يسوق الحوادث في تجوالها الاجتماعي فيصور الشخوص تصويرا رائعا، ويحلل المشاعر تحليلا دقيقاً. أخذ من البيسيكولوجي بنصيب كبير، لكنه لم يكن قبل هذا الكتاب الجديد الذي أخرجه للناس وسماه (شباب وغانيات) قد خاص في حوادث الغرام العنيف العارم.

كنت أقرا منذ سنين قصة آناكاريننين للشيخ تولستوي فأعجب للعنف في تصوير الغرام الآثم الذي يهدد الأسرة ويشتت شملها؛ ويرمي الزوجة في مطارح الرذيلة ومطاوي الخلاعة والعار، فلما قرأت قصص شباب وغانيات لتيمور بك قلت الآن أجد في شخوصه مثل ذلك الصخب النفسي الذي يصرخ فيه الهوى بصوت جاهز صراخ الذئاب النهمة التي يعلو عواؤها حين تعس في سواد الليالي.

كان سامي، وهو بطل القصة الكبيرة من هذه المجموعة القصصية، صفحة نقية، لكن القدر شاء أن يسطر فيها بمداد. الهوى سطورا فيها أثام وفيها نحول عنيف، فهو لم يسلم في صغره من المفاسد، فحاضنته أم تعلمه فنون الإغواء والإغراء. ثم نجد بطل القصة وهو سامي قد وقع في حبين. . واحد لفتاة كانت بنت ناظر في المدرسة الابتدائية التي كانت يتعلم فيها، وحب ثان وقع فيه لبنت امرأة سرية كانت تفد عليهم من استنبول بين الحين والحين. وتلتقي الفتاتان في بيته، وتكيد الغنية منهما للفقيرة.

وبعد ذلك تشتبك حوادث القصة اشتباكاً فيه تعقيد حينا وفيه أسجاح حينا آخر، حتى يطلع المؤلف على القاري بفجاءات هن من اجمل الفن القصصي التيموري. ما كان أبرا عه في أدائها، فإذا أخو سامي وهو الذي نشأه ورباه يتزوج الفتاة المترفة اللعوب التي كان يعشقها سامي ويغوص سامي في وحول من المساوئ الخليقة فيكون عشيقاً لزوجة أخيه. ثم يموت أخوه ويكر الزمن كرته ويتسفل سامي ويرتاد بيوتاً داعرة، فإذا هو ذات ليلة يرى في مخدع من مخادع تلك البيوت الدنيئة زوجة أخيه.

وها هنا وجه التطور الجديد في قصة تيمور، فإن هذا القاص قد عرف أن الأجيال آلاتية والمعاصرة ستحاسبه على قصصه، وسيقول له قائلوها الناقدون الذين لا يشفقون، انه أهمل

<<  <  ج:
ص:  >  >>