للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العنف في الحوادث الاجتماعية والغرامية وهي تقع في الوجود، بل تكاد تكون مسارح زمنا وألاعيبه، فأراد أن يدخل بقصصه في هذه الزاوية. وهو تطور حديث المرحلة في القصة التيمورية.

واستطاع تيمور بك في مجموعة قصصه كلها - منذ كتب القصة - أن يصور الطبقة لا يزال الأرستقراطية لأنه قد عرفها وعاشرها وعايشها، وهذه الطبقة لا يزال الفن يطالبه في تحليل أغوارها وأسرارها. أما الطبقات التي دون ذلك فلا يخلو أدب القصة عند تيمور بك من تصوير معايشها وما يلقي البؤساء فيها من ضروب الحرمان. ويعوزه هاهنا تصوير اعمق وجلاء اكثر. فلقد سألوا الشاعر القاص المعاصر فرنسيس كاركو كيف استطعت أن تصور المباءات الشقية المعوزة التي يصهرها الفقر كما تصهر النار ذوب الحديد؟ فقال:

إني عشت فيها طويلا وتمرغت في حمأتها الوبئة.

وقد آخذ على عميد القصة المعاصرة انه ليس ذا نزعة فلسفية خاصة، أو أراء معروفة بعينها يبثها خلال قصصه فيحملها شخوصه.

لقد كان دوستويفسكي يحمل شخوصه آراءه. وفعل ذلك اناطول فرانس، وبورجيه، وشارل موراس. ويفعل هذا كثير من القصصيين المعاصرين وقد سمعت كثيرا من آراء دوهاميل في كلام شخوص رواياته، وبد لي تحليل نفسه خلال أبطاله. وهذا يعود إلى طبيعة المؤلف وحالته من هدوء يلازمه أو إعصار يهيجه.

ورائد القصة المعاصرة تيمور بك في قصته الأخيرة شبابا وغانيات داخل زاوية جديدة في فنه إذ ادخل لونا عنيفا على قصصه. وسيأتي دهر ينظر فيه القارئون أدبنا المعاصر ويؤثرون يوم ذاك التصريح على التلميح، والنقد على التفريط. وجدير بنا ألا نترك لهم مجال القول فينا ذا سعة؛ لأنه بأيدينا تصوير الوجود على ما هو موجود دون غلو وتقصير. ومن حق القراء على الأدباء ألا يقصروا من أجلهم في تعمق الأمور وجلاء الصور. كما يكون من شأنهم أيضا أن يستخلصوا من أبطال الرواية آراء المؤلفين.

هذه كلمة في ثمرة واحدة من شجرة طيبة خيرة. وتيمور بك جواد في التأليف، خير بالقصص، يتمنى النقاد والكاتبون لو ينالوا آثاره كلها بالدرس والتحليل. فإنه لا تشفى الغليل حسوة من ماء عذب فرات، ولا إطلالة واحدة على روض جميل وما كان أدب

<<  <  ج:
ص:  >  >>