للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

والصين أو اليابان مثلاً فن رد الفعل سيكون ولا شك ذو عواقب وخيمة على تيار العلاقات بين البلدين. وأكبر الظن كذلك بأن مثل هذه الوضعية قد تؤثر تأثيراً سيئاً على ما يطمح إليه المتفاوضون من تنسيق العلاقات الاقتصادية أو السياسية بين البلدين.

وحين يتوفر لأكثرية الشعب الأمريكي مثلاً معرفة حقيقة (الابتسام) أو سواه من التقاليد والعادات عن الصين؛ يسهل على كلا الشعبين أن يتفاهما ويسويا مصالحهما في جو أكثر ملائمة وأدعى إلى تبادل حسن الظن والوداد.

ومن منا نحن العرب من لا ينفعل حين يقرأ أو يسمع ما يفسر به بعض الغربيين انفعالاتنا وتقاليدنا وعاداتنا وسلوكنا تفسيراً خاطئاً وهو لا يستند إلى معرفة حقة بمغازي تلك العادات والتقاليد؛ حتى لو كان التفسير مدفوعاً بروح النزاهة ونيل المقصد؟ الواقع أنك تستطيع أن تفسر كثيراً من أوجه التوتر في علاقاتنا مع الدول الغربية بسوء الفهم الذي يصدر عن صناع السياسة الغربيين في معرض تناولهم لقضايا العرب ومشاكلهم ومصالحهم في شتى أوجه السياسة والاقتصاد والعلاقات الاجتماعية كذلك.

ويقترح المعنيون بهذه الناحية من العلاقات الإنسانية بأن من أفضل الوسائل للتغلب على هذا الجهل بالعادات والتقاليد هو أن تقوم جماعة من أهل الاختصاص في علوم الحياة (الأنترويولوجيا) وعلم النفس الاجتماعي والتاريخ واللغات وغيرهما بدراسة ثقافة معينة - ولنفرض ثقافة الهند - وأن ينفقوا في هذه الدراسة سنوات في صميم القطر الذي ينوون دراسة ثقافته، على أن يكون هؤلاء العلماء من جنسيات مختلفة يساعدهم عدد من العلماء وأهل الدراية من الهنود أنفسهم.

فالثابت أن الأجنبي أكثر ملاحظة للتعبيرات الخاصة والتقاليد والعادات التي تتمايز بها الشعوب. على أن الباحث الأجنبي لا يستطيع استيعاب مغزى تلك العادات والتقاليد دون الاستعانة بأهل الدراية من الذين يمتثلون لتلك التقاليد ويسيرون على تلك العادات، عندئذ يتحقق أكبر قسط من الفهم لأوجه الثقافة جميعها.

وحين تعم مثل هذه الدراسات على الشعوب الأخرى بصورة واسعة وعلى الأخص بين الدبلوماسيين والصحيين والتجار والزوار من الأجانب الذين تدفعهم الظروف للاتصال المباشر بالشعب الذي درست ثقافته دراسة علمية مسهبة - حين تعم مثل هذه الدراسات

<<  <  ج:
ص:  >  >>