خصال الإيمان زيادة ونقصاً وإثباتاً وحذفاً. وقد أجاب القاضي عياض وغيره رحمهم الله بجواب لخصه الشيخ أبو عمرو بن الصلاح وهذبه فقال:(ليس هذا باختلاف صادر من رسول الله بل هو من تفاوت الرواة في الحفظ والضبط، فمنهم من قصر فاقتصر على ما حفظه فأداه ولم يتعرض لما زاده غيره بنفي ولا إثبات! وإن كان اقتصاره على ذلك يشعر بأنه (الكل) فقد بان بما أتى غيره من الثقاة أن ذلك ليس (بالكل) وأن اقتصاره عليه كان لتصور حفظه عن تمامه. ألا ترى حديث النعمان بن نوفل الذي اختلفت الرواية في خصاله بالزيادة والنقصان مع أن راوي الجميع واحد!
حديث زوجتها بما معك
جاءت امرأة إلى النبي وأرادت أن تهب نفسها له فتقدم رجل فقال يا رسول الله (أنكحنيها) ولم يكن معه من المهر غير القرآن فقال له النبي (أنكحتها بما معك) وفي رواية قد زوجتكها بما معك من القرآن) وفي رواية (قد زوجتكها بما معك من القرآن) وفي رواية (زوجتكها على ما معك) وفي رواية (قد ملكتكها بما معك) وفي رواية (قد أملكتكها بما معك من القرآن) وفي رواية أنكحتكها على أن تقرئها وتعلمها) وفي رواية (أمكناكها) وفي رواية (خذها بما معك) فهذه ثماني روايات في لفظة واحدة!
قال ابن دقيق العيد: هذه لفظة واحدة في قصة واحدة واختلف فيها مع اتحاد مخرج الحديث. وقال العلائي: من المعلوم أن النبي لم يقل هذه الألفاظ كلها تلك الساعة، فلم يبق غلاً أن يكون قال لفظة منها وعبر عنه بقية الرواة بالمعنى، فمن قال بأن النكاح ينعقد بلفظ التمليك ثم احتج بمجيئه في هذا الحديث إذا عورض ببقية الألفاظ لم ينهض احتجاجه، فإنه جزم بأن هو الذي تلفظ به النبي وقال غيره ذكره بالمعنى؛ قلبه على مخالفه وادعى ضد دعواه فلم يبق إلا الترجيح بأمر خارجي.
وروى البخاري عن ابن عمر أن النبي قال يوم الأحزاب: لا يصلين أحد (العصر) إلا في بني قريظة. فأدرك بعضهم العصر في الطريق فقال بعضهم لا نصلي حتى نأتها وقال بعضهم بل نصلي، لم يرد منا ذلك. فذكر ذلك للنبي فلم يعنف أحداً منهم.
قال ابن حجر في شرح هذا الحديث كذا وقع في جميع النسخ عند البخاري ووقع في جميع النسخ عند مسلم (الظهر) مع اتفاق البخاري ومسلم على روايته عن شيخ واحد بإسناد