للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وهو ما يدرج في اللفظ المرفوع من كلام الرواة فعلى هذا كان يروي كل أحد ما فهمه، وربما وقع في فهمه الخطأ وربما فسر بعض ما فهمه بألفاظ يزيدها إلى أن قال: فهل من الغرابة أن يقع الخلط والتعارض فيما يروى عنه بالمعنى بقدر فهم المراد. وسئل رحمه الله عن رأيه فيمن قال: إنه لم يثبت عن النبي إلا ١٢ أو ١٤ حديثاً فأجاب: (هذا القول غير صحيح بل لم يقل به أحد بهذا اللفظ؛ وإنما قيل هذا أو ما دونه في الأحاديث التي توتر لفظها) وإليك أمثلة من رواية الحديث بالمعنى.

روى مسلم عن طلحة بن عبيد الله أن رجلاً جاء إلى رسول الله ثائر الرأس يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله: خمس صلوات في اليوم والليلة إلا أن تطوع، وصيام شهر رمضان إلا أن تطوع، وذكر له رسول الله الزكاة فقال هل علي غيرها؟ فقال لا إلا أن تطوع. فأدبر الرجل وهو يقول والله لا أزيد عن هذا ولا أنقص منه، فقال رسول الله: أفلح إن صدق.

وروي عن أبي هريرة حديث جبريل: جاء رجل فقال يا رسول الله ما الإسلام؟ قال: لا تشرك بالله شيئاً وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان قال: صدقت ثم سأله عن الإيمان وعن الإحسان.

وعن أبي أيوب قال: جاء رجل إلى النبي فقال: دلني على عمل أعمله يدنيني من الجنة ويبعدني من النار، قال: تعبد الله لا تشرك به شيئاً وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل ذا رحمك. قال رسول الله: إن تمسك بما أمر به دخل الجنة.

وعن أبي هريرة أن إعرابياً جاء إلى رسول الله، فقال يا رسول الله دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة، قال تعبد الله لا تشرك به شيئاً وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان قال: والذي نفسي بيده لا أزيد على هذا شيئاً أبداً ولا أنقص منه. فلما ولى قال النبي من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا.

قال الإمام النووي معلقاً على هذه الأحاديث ما نصه: (واعلم أنه لم يأت في حديث طلحة ذكر الحج ولا جاء ذكره في حديث جبريل من رواية أبي هريرة، وكذا غير هذه الأحاديث لم يذكر في بعضها (الصوم) ولم يذكر في بعضها (الزكاة) وذكرت في بعضها صلة الرحم وفي بعضها أداء الخمس، ولم يقع في بعضها ذكر الإيمان فتفاوتت هذه الأحاديث في عدد

<<  <  ج:
ص:  >  >>