للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الثاني، فجاء (ثب) ثم بإضافة واو تتويجاً في العربية ذاتها، فصدر عن ذلك فعل (وثب)، بزيادة ياء التوويج أيضاً في السريانية، وكذلك زيدت الياء بعين الطريقة في العبرية. . . الأرمية ونجد في الحبشية. . . في العربية، بالواو أما الأكدية فوارد فيها بإضافة واو كالعربية والحبشية.

من مفترضات الثنائية أن أصل المفردات حرفان، فيجري التطور بزيادة حرف ثالث عليهما إما تتويجاً وإما إقحاماً، وإما تذييلاً، مع بقاء اللحمة المعنوية بين الثنائي والثلاثي، كما هي مستمرة بين الثلاثي والرباعي، وما فوقه من المزيدات.

على أني بفضل تقصيات خاصة توصلت إلى الوقوف على أن الثلاثي غير ناشي عن ثنائي واحد ليس إلا، بل عن ثنائيين أو ثلاثة، حسب اختلاف مداليله. وقد أوردت في تأليفي شواهد تثبت هذا القول. فأجتزئ هنا بسرد واحد من الأمثلة هناك فعل (هلب) المختلف، لا بل المتنافر، لكن يمكن القول بأن (هلب) مشتق أولاً من (لب) بزيادة الهاء تتويجاً. ثانياً: من (هب) بإنزال اللام إقحاماً. ثالثاً: من (هل) بإضافة الباء تذييلاً.

هلب: كثر شعره، من (لب)، ومنه اللب أي القلب، لتراكم الشحم عليه، واللبة: اللحم المجتمع في أعلى الصدر، وفيه معنى الوفرة والكثرة.

هلب: نتف وجز، من (هب) المراد به القطع، والنتف ضرب من القطع.

هلب: السماء القوم: بلتهم بالندى، ومنه ليلة هالبة أي ماطرة. والهلابة: الريح الباردة، من (هل) الدال على هطول المطر وشدة انصبابه.

الأهلب: المنتوف الشعر، من (هب) ومنه هب السيف: قطعه.

الأهلب: كثير الشعر، من (لب) المراد به: التراكب والتجمع والتلبد. وبهذا تنسق المعاني وتزول الضدية.

أخنم بالقول أن الثنائية ليست كما يتبادر إلى الوهم، هدامة للثلاثية والرباعية، ولا هي مقوضة أركان المعاجم، إنما هي وسيلة للتأصيل السابق طور التصريف. فالقائل بالثنائية يدع التصريف على ما هو للثلاثي والرباعي، ويحصر عمله في المعجمية. وفي هذا الحقل عينه لا يتوخى محق الثلاثية والرباعية، لكنه يرتئي بأنه كما أن الرباعي يسوغ رده إلى الثلاثي، وكذلك يمكن رد الثلاثي إلى الثنائي. مما ينجم عنه أن ليس الثلاثي بدء الاشتقاق،

<<  <  ج:
ص:  >  >>