للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التغلب عليها، ولكن ليس بأساطير العفاريت، بل بالشجاعة والتفكير المعقول. وأنا أعتقد أني حينما أموت سأتعفن، ولن يبق من ذاتي شيء. ولست حدث السن، ومع ذلك فأنا أهوى الحياة ولكني سوف أستخف بالارتعاد فرقا لفكرة الهلاك. والسعادة لم تبلغ حتى ولا أقل من درجة من السعادة الحق؛ لأنها لا بد أن تنتهي. ولكن الفكر والحب لا يفقدان قيمتهما لأنهما ليسا بخالدين. وكم من إنسان حمل نفسه إلى المشنقة فحورا، ومن المؤكد سيعلمنا مثل هذا الفخر أن نفكر بإمعان في مكانة الإنسان في العالم؛ حتى ولو جعلتنا أول الأمر نوافذ العلم المفتحة، نرتعد من بعد الدفء المريح داخل الأساطير الإنسانية التقليدية، وفي النهاية يأتي الهواء العليل بالنشاط، وللفضاءات العظيمة جلالها الخاص.

إن فلسفة الطبيعة شيء وفلسفة القيم شيء آخر. ولن يحدث إلا الضرر نتيجة الخلط بينهما، فما نعده حسناً وما نبغيه، لا علاقة له مطلقاً بما وهو، الذي هو مطلب الفلسفة الطبيعية. وفي الجهة المقابلة لا يستطاع منعنا تقدير هذا وذاك، على أساس أن العالم غير المتحضر لا يقدره، ولا يستطاع كذلك إجبارنا على الإعجاب بشيء لأنه قانون الطبيعة. ومن دون شك نحن جزء من الطبيعة التي خلقت رغباتنا وآمالنا ومخاوفنا بناء على القوانين التي يكتشفها العالم الطبيعي: وبهذا المعنى نحن جزء من الطبيعة، وفي فلسفة الطبيعة نحن شيء ثانوي بالنسبة للطبيعة، فنحن نتيجة للقوانين الطبيعية وضحاياها أخيراً يجب أن لا تكون فلسفة الطبيعة ترابية مهنية؛ لأن الأرض ليست إلاّ واحدة من أصغر سيارات أصغر نجوم المجرة، وأنها لمهزلة أن نطوي فلسفة الطبيعة لكي نأتي بنتائج تسر الطفيليين الصغار في هذا السيار الذي لا يؤبه له. والمذهب الحيوي كفلسفة، والتطوري، يظهر أن من هذه الجهة، الافتقار إلى معنى المطابقة النسبية والمنطقية؛ لأنهما يعتبران أن وقائع الحياة ذات الأهمية لنا شخصياً، كشيء له أهميته الكونية. وليست أهمية مقتصرة على سطح الأرض. ومذهب التفاؤل ومذهب التشاؤم كفلسفات كونية، يظهر نفس سذاجة المذهب الإنساني؛ والعالم العظيم بالقدر الذي نعلم ليس خيراً أو شراً وليس حريصاً على أن يجعلنا سعداء أو أشقياء. ومثل هذه الفلسفات تبعث عن الاهتمام بالذات، وتقوم خير تقويم بقليل من علم الفلك.

ولكن ينعكس الموقف في فلسفة القيم فالطبيعة ليست إلاّ جزءاً مما نقدر على تخيله، وكل

<<  <  ج:
ص:  >  >>