وفي الوقت الذي ترك فيه بيكار طريقه الأول بقي أمثال حسني البناني وصلاح طاهر في إصرار على الاتجاه الأكاديمي، فصلاح طاهر فنان حالم ينظر إلى الأشياء نظرة شاعرة، يغير في لوحاته في حدود نظرته النفسية (السيكولوجية) الواقعية دون أن تغريه المذاهب الحديثة وأبحاثها. والبناني الذي جرى على تصوير الحياة المصرية خلال النور والظل، تحت شمس مصر المحرقة وظلالها القائمة - هو هو، لم يتغير، إلا إذا اعتبرنا زيادة قدرته وتمكنه في أسلوب المدرسة التأثيرية التي تعتمد على تحليل اللون في التصوير.
والجديد في هذا المعرض، ظهور الفن الشعبي يبدأه جمال السجيني وعبد الهادي الجزار على اختلافهما في البداية. والاتجاه الشعبي لم يطرق في مصر من قبل على أهميته كفن صادق الإحساس تنعكس فيه الفلسفة المصرية الساذجة والذوق الشعبي العام في الأداء. وهذا الاتجاه يفتح مجالاً واسعاً في اللون والتكوين، فهو يشمل كل الحياة المصرية ويخرج بالتصوير عن الدائرة الضيقة، دائرة رسم الوجوه والمناظر الخلوية والأزهار، التي ترى في كل معرض.
وتظل أعمال عبد السلام الشريف وأسعد مظهر، تسترعي الأنظار في كل معرض، فهما في الطريق الذي بدأه منذ أكثر من عشر سنوات، يتوخيان الموضوع الشعبي والأداء الجمالي الذي يقوم على الخطوط الزخرفية والمساحة اللونية في توافق يلائم كل لوحة؛ فالشريف يستغل ألوان الأقمشة في التعبير عن موضوعه بأسلوب الفن العربي في زخرفة الأقمشة، وأسعد مظهر يستعمل التطعيم بالخشب في أدائه.
وهناك في النحت نرى التطورات في أعمال كامل جاويش الذي بدأ يخرج من المذهب الدراسي البحت إلى الاهتمام بالكتلة والموضوع، على حين يظل عبد القادر مختار محافظاً على القيام بدراسة الرؤوس التي تعتبر المجال الوحيد لظهور براعته.
وجدير بالذكر، في الحديث عن معرض اتحاد خريجي الفنون الجميلة العليا، الجهود الكبيرة الموفقة التي بذلها الأستاذ أبو صالح الألفي رئيس الاتحاد في إقامة هذا المعرض وتنظيمه.