دور العرض الأهلية التي تقتضي العارضين أجوراً مرتفعة - من جنيه إلى عشرة جنيهات في اليوم! أو رجاء أصحاب النوادي الصالحة للعرض والتي يستمهل أصحابها حتى يستطاع إعدادها للمعرض، وهذا ما حدث في هذا العام.
وندرك مدى تلك المتاعب عندما نعلم أن المعرض هو الوسيلة الوحيدة للمصور والمثال التي تصله بالجمهور، فهو بمثابة الكتاب والصحيفة للمؤلف والأديب.
ذلك إلى انعدام التشجيع وعد الإقبال على شراء المنتجات الفنية، سواء من الجهات الرسمية والأهلية، فالأولى تعتذر عادة بأن الاعتماد قد نفد. . وعندنا جمعيات غنية تنتسب إلى الفن، ولكنها تقصر تشجيعها واحتفالها على الفن الأجنبي ولا تلتفت إلى الفن المصري.
وقد أدى عدم التشجيع وأزمة المكان إلى احتفاء كثير من الفنانين، وضيق الدائرة على مجموعة صغيرة ثابتة، على حين كان المفروض أن تظهر مواهب جديدة من خريجي الكلية كل عام.
هذا المعرض القائم، صورة صادقة للحركة الفنية في مصر، ويستطيع المشاهد أن يلمس فيه الصراع بين القديم والحديث، وإن كانت غلبة الاتجاهات الحديثة ظاهرة، فقد طغت هذه الاتجاهات حتى على المدرسين (الأكاديميين) وليس أدل على ذلك من تطور حسين بيكار الذي بدأ يخرج عن الاتجاه التقريري، أو الحرفية في النقل، وهي نقل الواقع المشاهد مع بعض اللمسات الجمالية إلى إدخال الفكر فيما يراه، فهو يذهب إلى تحليل الأشكال وإرجاعها إلى النظريات العلمية التي وصل إليها البحث العلمي الحديث، ومن هذا أنه يتجه إلى التكعيبيين ليستفيد من مفهومهم العلمي للمسطحات، وينظر إلى التصوير كأسلوب قائم بذاته في التعبير عن الحياة ودفع المشاهد إلى الإحساس بها دون الاعتماد على تأثير الفكرة الأدبية في موضوعاته، ومن هنا يبدأ التصوير في الاستقلال بنفسه كوسيلة للتعبير، كما تستقل الموسيقى عن الشعر والأدب بوسيلتها الإحساسية.
إن التجريد هو أسلوب الوحيد لاستقلال فن التصوير، ولكن المجتمع والجماهير المتذوقة ذات المفهوم العام تحتاج إلى الفكرة فلا تستوقفها التجريديات، لأن مكانها المتاحف باعتبارها مثابة الخاصة من الفنانين، وفهمها يحتاج إلى دراسة فنية طويلة ودرجة معينة من التأهيل.