السقوف التي صنعت من القش التي اتخذت منها الخروق والثقوب العديدة موطناً لها. . كما اتخذ الجهل والبؤس ونفس الحيرة والظلمة والضجر من الأهليين حقلاً خصيباً تنمو فيه يوماً بعد يوم. . لقد كان ذلك في عهدهم. . وحدث بلا مراء ولا جدال. . ثم تدور على أسطوانة الدهر ألف عام. . والحياة هي. هي لا يعتريها تقدم. . ولا تحسن. . .!!
وكان متقيناً إلى نفس الشاب أن يؤوب إلى بيته. .
ويرجع السبب إلى إطلاقهم على الحدائق اسم حدائق الأرامل أن أرملتين - أما وابنتها - كانتا قد آلتا على نفسيهما أن يتعهداها بالرعاية. . ويسهرا على شؤونها. .
وكانت هناك نار مضيئة ملتهبة. . وأصوات طقطقة صاخبة. . يحملها الأثير إلى مسافات كبيرة فوق الأرض المحروثة. . وكانت الأرمل فازيليا - وهي بدينة الجسم فارعة القامة - ترتدي سترة رجل واقفة إلى جانب النيران تحدق بعينين شاردتين. . تنطويان على التفكير العميق والرحلة إلى عالم غامض مبهم. . وكانت ابنتها ليكريا جالسة على الأرض تنظف الملاعق والصحاف، وهي امرأة ذات نظرة متبلدة فاترة قد انتشرت على وجهها آثار الجدري. . وكان واضحاً لدي أنهما قد فرغتا من تناول عشاؤهما. . منذ برهة. وكان صوت العمال يصل إلى آذاننا. . وهم يسقون جيادهم من النهر. .
واتجه الطالب صوب النار. . وقال:
- لقد عاود الشتاء كرته. مساء الخير. . .!!
فارتاعت فاريليا. . غير أنها تبينته لتوها. . فارتسمت على شفتيها ظلال ابتسامة رقيقة وقالت:
- إنني لم أعرفك. .! لتحرسك عناية الخالق الأكبر سوف تصيب ثراء واسعاً. .!
ثم أخذوا يتجاذبون أطراف الحديث. .
كانت فاريليا. . ذات خبرة كبيرة. قد اختلطت بالطبقات العالية. . إذ كانت تعمل وصيفة. ثم مربية للأطفال. . فراحت تطرق باب الحديث بعصا اللباقة والرقة. . ولم تفارق شفتيها. . ابتسامة ناعمة دسمة. . أما ابنتها ليكريا فكانت ريفية قد ألهبها زوجها بسياط معاملته القاسية. . فسمرت نظراتها على وجه الطالب. . ولم تشرك نفسها بالحديث، وكانت تلوح على وجهها سمة كالتي تراها ضافية دائماً على الصم والبكم. .