للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

والشرعية تغلب في الشرق. ونحن في مصر وفي العالم الإسلامي نلهث في اللحاق بإحداهما، يجذبنا البريق من هنا ومن هناك، ولا يجذبنا البريق من هنا ومن هناك، ولا وجهة لنا مقررة، ولا فكرة لنا مستنيرة.

والجامعة والمدرسة، والجماهير والدولة، كلها تلهث.

وكلها تركض، وكلها مبهورة الأنفاس والمشاعر، لاعن خيرة ولاعن بصيرة، ولكنه البهر والتلاشي والدوار!

. . هنا تتعين رسالة الأزهر، رسالته التي يجب أن يدركها، وأن يؤمن بها، وأن يؤديها حق الأداء

إن للإسلام فكرة مستقلة معينة عن الحياة. فكرة كلية تمد فروعها إلى كل جانب من جوانب الحياة الإنسانية الكثيرة. وإن للإسلام رأياً في الشعور والسلوك، في العبادة والعمل، في الاقتصاد، والاجتماع، في سياسة الحكم وسياسة المال، في سياسة الدولة الخارجية والداخلية. . . في كل باب من أبواب النشاط الإنساني في كل اتجاه.

ورسالة الأزهر الأولى هي أن يعكف على استخلاص هذه الفكرة الكلية، وعلى تنميتها بالبحوث والدراسات في كل حقل من حقول المعرفة، وعلى إعدادها للتطبيق العملي في واقع الحياة اليومية الحاضرة، ثم على الدعوة إليها في النهاية بعد هذه الخطوات.

رسالة الأزهر الأولى أن ينشئ ثقافة إسلامية كاملة مستمدة من الأصول الأولى للإسلام، ومن الحياة النامية المتجددة في كل آن. . هذه الثقافة لن يجدها الأزهر في الحواشي والشروح والتنبيهات والاعتراضات، أو قد يجدها ولكن في حاجة إلى أن تعرض بأسلوب العصر وطريقته، وأن تنمى بالدراسات والإضافات، كي تصبح في متناول الجماهير كلها، وفي حقول الثقافة جميعها.

ليست وظيفة الأزهر أن يقف بين الحين والحين لينادي بتدريس الدين في المدارس على أن يتولى تدريسه والتفتيش عليه رجال الأزهر كما يقول دائماً! وليست وظيفته أن يقف بين الحين والحين ليطالب برد المجالس الحسبية إلى سلطة القضاء الشرعي. وليست وظيفته أن ينادي بالويل والثبور على انحطاط الأخلاق وانتهاك الحرمات.

إنها مجرد صيحات تقليدية صغيرة لا تلقى إلا الهزؤ والزراية من الدولة ومن الناس.

<<  <  ج:
ص:  >  >>