للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

المؤتمرات الدولية.

وهكذا نرى أن بريطانيا تعتبر بحق زعيمة الدول الديمقراطية. إن جميع أفراد الشعب البريطاني البالغين رجالاً ونساء ينتخبون ممثليهم أو نوابهم إلى مجلس العموم في حرية تامة، وهؤلاء النواب هم الذين يقيمون الوزراء وبدون تأييدهم تسقط الوزارة، وإذن فالشعب البريطاني ممثلاً في نوابه هو الذي يحكم بريطانيا.

وتعتبر بريطانيا أعرق الأمم الدستورية قامت لأول مرة في التاريخ في بلاد اليونان وكان ذلك منذ آلاف السنين، ومازالت الأنظمة الديمقراطية اليونانية تعتبر خير مثال للديمقراطية. وكذلك أحب أن ألفت النظر إلى أن النظام الحكومي الذي قام في الإسلام منذ قيام الدولة الإسلامية في عهد النبي صلى الله عليه وسلم حتى نهاية عصر الخلفاء الراشدين كان نظاماً ديمقراطياً سليماً، فقد كان الخلفاء الراشدين ينتخبون كما ينتخب رؤساء الجمهوريات في عصرنا الحالي تقريباً، وكانت سلطتهم مقيدة بقيدها القرآن الكريم وهو الدستور المسلمين وخوف الخلفاء من المولى سبحانه وتعالى. استمع إلى قول عمر بن الخطاب وقد طلب إليه أن يرشح ابنه عبد الله ضمن المرشحين للخلافة بعده (يكفي بني الخطاب أن يحاسب منهم عمر.) وإلى قوله (والله لو عثرت بغلة بأرض العراق لسئل عمر عنها يوم القيامة. لم يعبد لها الطريق؟) وهكذا كان الوازع الديني أكبر مقيد لسلطة الخليفة. كانوا يستشيرون الصحابة في مهام الأمور بل إن النبي صلوات الله عليه كان ذلك؛ وقد خاطبه المولى سبحانه وتعالى قائلاً (وشاورهم في الأمر).

ولعل مما يعطينا فكرة عن الديمقراطية الإسلامية أن نقرأ خطبة أبي بكر عقب انتخابه خليفة (أيها الناس إني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن كنت على حق فأعينوني، وإن كنت على باطل فقوموني. أطيعوني ما أطعت الله ورسوله فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم.)

وأجب أن أذكر أيضاً أن المبادئ التي تقوم عليها الديمقراطية الحديثة وتفخر بها الحضارة القائمة قد جاء بها الإسلام الحنيف، فقد قرر الإسلام الحرية والإخاء والمساواة بين الناس جميعاً لا فرق في ذلك بين عربي أو حبشي. (إن أكرمكم عند الله أتقاكم). لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى. (إنما المؤمنون أخوة) فهل يعترف علماء الغرب بهذه الحقائق

<<  <  ج:
ص:  >  >>